في اغتيال الشخصية والدولة
فيصل تايه
07-03-2019 10:02 PM
تغريدة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين عبر تويتر جاءت لتؤكد ان اغتيال الشخصية ونشر المعلومات المغلوطة، هما تعد صارخ على الحياة الشخصية وعلى الأعراف والقوانين ، كما وأضاف جلالته في ان تسريب المعلومات والوثائق الرسمية أمر مرفوض ومناف للأخلاق ولن نسمح به، والقانون سيأخذ مجراه.
وفي ذلك لا بد من تطبيق التشريعات الجزائية التي تعاقب بوضوح تلك الأفعال ، ولا بد من تفعيل الإجراءات لتحاسب من يقوم بحملات تشويه السمعة للوزارات والدوائر الرسمية وكذلك استهداف الاشخاص وهو ما يعبر عنه باغتيال الشخصية، وكذلك محاسبة التحريض على الكراهية بصورها وأشكالها كافة، ومحاسبة من يشيع ويروج للشائعات بأنواعها ، بل ويجب أن نسعى إلى ايجاد وثيقة أخلاقية وفكرية مهمة لتنظيم العلاقة بين المجتمع ومؤسسات الدولة المختلفة .
لقد كان جلالة الملك واضحا فيما عبر عنه وفي حق المجتمع بحياة كريمة آمنة إضافة الى صون حرية التعبير ، فقد سبق ونبه جلالته بوضوح إلى وجود فئة صغيرة من المجتمع تقوم بهذا الاستخدام الضار وهي ما تسمى إعلاميا بـ"الأقلية الصارخة"، وهي عبارة عن عدد قليل من الأفراد لهم أجندات ومصالح خاصة يحاولون قيادة الرأي العام، والتأثير فيه، وبناء أجندة في مجال أو موضوع ما.
علينا أن نلتقط الرسائل الملكية بمعانيها الكبيرة ، وأن نحولها إلى استراتيجية عمل وطني ، إضافة إلى حاجتنا الى التوسع في برامج التربية الوطنية ، وإدخال مفاهيم التعامل الرشيد مع مؤسسات ووسائل الدولة المختلفة خاصة منصات التواصل الاجتماعي وتضمينها في المناهج التعليمية بما يخدم التحصين المعرفي للأجيال الجديدة.
وبالفعل فان ما ساد في مجتمعنا ولفت انتباه جلالة الملك تلك الظاهرة التي شكلت معلما بارزا وسط الكثير من السلبيات المجتمعية والتي من السهل فيها بث الدعايات المغرضة وقتل سلوك الأشخاص ، واستخدامها كأحد الأسلحة الرئيسية في الصراع من أجل البروز وفي اللعبة الداخلية ، في محاوله من البعض لتبييض صفحة أشخاص وتلميعهم على حساب حرق صفحات غرمائهم بشكل مهين عبر مفرقعات إعلامية تظلل الرأي العام وتخلق أزمات مفتعلة .
لذلك لا بد من الدعوة إلى ميثاق وطني صريح يجد حداً للشائعات وملاحقتها وتعريه مروجيها والتي مضمونها التدليس المستمر على الأشخاص ، ذلك أن الكثيرين ممن يلبسون عباءة الوطنية المزيفة يستهويهم تلوين الوقائع وتحريفها في محاوله منهم انتهاج خط التشنيع الواضح باشاعاتهم وشغفهم الغريب ، والواقع إن بعض الكتاب وللأسف لا يجشمهم الكثير من العبء في تبني دلائل وقرائن مزيفة لما أوردوه في ادعاءاتهم ، فالبعض غرق في مستنقع الجهالة وحب البروز عبر "خطة مكتومة ملؤها الحقد والكراهية" للفتك بشخصية معينة دون البحث عن حقائق الأشياء في مكامنها ودون استيعاب أي نوع من العبث هذا الذي يمارس في تشويه صورة إنسان قد يكون بريئا ، ومن يسعى في هذا الأمر إلى نهاياته قد يرى حقيقة أمره وغلوه المفضوح في التعرض لبعض الرموز الوطنية ، وفي إشاعة كثير من زبد الأقاويل حولها عبر جدل دعائي ما هو إلا سراب .
وأخيرا .. لنتقي الله في أنفسنا ونبتعد عن شرذمات مقيتة نغتال من خلالها شخصيات كان لها اليد في النهوض بمؤسسات الدولة عبر حقبة زمنية طويلة بدعوى محاربة الفساد ، ونحافظ على وثائق الدولة الرسمية وعدم استخدامها كادوات لتأجيج الرأي العام وتحريض العامة لما هو منافي للسلوك الوطني ، ولنتذكرت صاحب الجلالة بأن المعيار الحقيقي للمواطنة والانتماء هو بمقدار ما يعطي الإنسان لهذا الوطن وليس بمقدار تحقيق المكتسبات على حساب الوطن ، كذلك دعوات جلالته إلى الحد من شائعات الكراهية والتصدي لمحاولات اغتيال الشخصية بادعاء محاربة الفساد ، فمن واجب السلطات أن تكافح الفساد بكل جدية وبنفس الوقت تحمي الأفراد من تنامي ظاهرة الافتراء. ولا ننسى قول رسولنا الكريم : " فتنةٌ عمياء صمّاء عليها دعاة على أبواب النار، فأنْ تموتَ وأنت عاضٌّ على جَذْلِ شجرة خيرٌ من أن تَتْبَعَ أحداً منهم".