قضایا الفساد وانتخابات نتنیاهو
د.محمد المومني
07-03-2019 12:35 AM
رئیس الوزراء الاسرائیلي فاقد للمصداقیة لدى الغالبیة العظمى من زعماء العالم وإن كان بعضھم مضطرا للتعامل معھ. نتنیاھو، في كثیر من سلوكیاتھ وقراراتھ كان یقدم مصالحھ الذاتیة الانتخابیة على مصالح بلاده، واحیانا بطریقة استعراضیة مبتذلة، وقد اصبح مادة للحدیث والتھكم بین كثیر من قادة العالم تسرب جزء من ذلك عبر وسائل الاعلام العالمیة. كثیر من قادة العالم یتمنى أن یرى خسارة لنتنیاھو في الانتخابات القادمة بصرف النظر عن البدیل، لأن أي قادم جدید لرئاسة الحكومة الاسرائیلیة لا یمكن أن یكون بدرجة الخداع والكذب التي اثبتھا نتنیاھو مرارا وتكرارا.
رغم ھذه الحقیقة البائنة، اثبت نتنیاھو أنھ بسبع ارواح سیاسیة، مستندا بذلك على انجازاتھ الاقتصادیة التي جعلت اسرائیل تعیش حالة من الرفاه الاقتصادي المتقدم، ومرتكزا ایضا على یمین متطرف تزداد شعبیتھ بسبب حالة الانحیاز المستمر للمجتمع الاسرائیلي نحو الایدیولوجیة الیمینیة التي اشتد عودھا منذ العام 2000 .حال كثیر من المراقبین والدول التي تتمنى أن یسقط نتنیاھو في الانتخابات انھم لن یصدقوا سقوطھ أو یتوقعوه قبل أن یروا ذلك بأم اعینھم.
قضایا الفساد التي تلاحق نتنیاھو نراھا للآن ذات اثر محدود في استطلاعات الرأي حول الانتخابات، ولا یتوقع أن تحسم ھذه القضایا أو یصدر قرار قضائي بشأنھا قبل أن تجري الانتخابات القادمة للكنیست. ھذا یعني أن النجاح الاقتصادي والخطاب الدیني التعبوي یطغى على اتھامات الفساد التي تلاحق نتنیاھو، وھو أمر غریب ومستھجن لأن الانتخابات غالبا ما تتأثر بشؤون الفساد والتجاوزات فكیف الحال بقضایا منظورة امام القضاء وتخضع للتحقیق.
یفسر ذلك جزئیا بضعف منافسي نتنیاھو من الیسار، واضمحلال معسكر السلام المناوئ لھ، لیبقى المشھد فارغا یتحرك فیھ الیمین الاسرائیلي ونتنیاھو بھامش مناورة سیاسیة واسع.
لا یوجد الكثیر الذي یمكن عملھ للتأثیر من الخارج في الانتخابات الاسرائیلیة في ضوء اللحظة السیاسیة التي نعیش، والتي تشھد براغماتیة أمنیة رسمیة على مستوى الاقلیم زادت من حضور اسرائیل الاقلیمي. ربما الجھة الوحیدة عملیا التي قد تستطیع الاشتباك مع المشھد الانتخابي الاسرائیلي ھي السلطة الوطنیة الفلسطینیة والنخب المثقفة والمؤثرة ھناك، وقد یكون من المفید تبني خطة استراتیجیة محكمة لمخاطبة الرأي العام واصوات الناخبین في اسرائیل، والاشتباك معھ على كافة المستویات، وبرسائل سیاسیة مدروسة تضع شریك السلام الفلسطیني ساعیا وقابلا للسلام وتسویتھ التاریخیة في مقابل تعنت وتضلیل ومراوغة من قبل نتنیاھو. لا بد من جھة تشرح للناخب الاسرائیلي ما ھي تكلفة اعادة انتخاب نتنیاھو، وأن تسحب من بین یدیھ مقولة أنھ لا یجد شریكا للسلام، أو أنھ قادر على أن یشتبك مع الاقلیم العربي والقفز عن الاولویات بالتسویة مع الفلسطینیین.
القلیل یمكن عملھ للتأثیر بالانتخابات الاسرائیلیة، ولكن أحدا ممن یستطیعون لا یجب أن یدخر جھدا لفعل ذلك فالتخلص من نتنیاھو أمر مھم واستراتیجي للإقلیم.
الغد