بعد أن بلغ السيل الزبى، تحركت الحكومة وأجهزتها أخيراً لإثبات موجوديتها والقيام بدورها فأعلنت وزارة العمل توفر 500 فرصة عمل حالياً لأبناء محافظة معان والبادية الجنوبية وعلى الأرجح أن تقوم بإعلانات مماثلة في محافظات أخرى.
فرص العمل لم تتوفر فجأة فهي موجودة لدى القطاع الخاص لكنها تواجه عزوفاً وهي إما مشغولة بعمالة وافدة أو أنها غير مشغولة.
الذين غادروا منازلهم في المحافظات تجاه عمان طلبا للعمل يطلبون وظائف حكومية فقط فالقطاع الخاص بالنسبة لهم غير مرغوب , وفي ثقافتهم أن حقوقهم في العمل موجودة في القطاع العام فقط.
يقول مسح العمالة والبطالة أن نسبة البطالة في الأردن تبلغ 18.5%، وهي أعلى بنحو ثلاثة أضعاف المعدل الطبيعي العالمي للبطالة، ومجموع القوى العاملة في الأردن يبلغ نحو 1.6 مليون شخص.
في حال تعثر النمو الاقتصادي والقدرة على خلق فرص العمل، فإن عدد العاطلين عن العمل مرشح للزيادة، خاصة أن 6% من سكان الأردن تحت سن 14 عاماً.
تمكن القطاع العام خلال السنوات الأربع الماضية من تشغيل 34 ألف عامل، بمعدل ثمانية آلاف فرصة عمل كل عام.. ولا يستوعب القطاعان العام والخاص إلا نحو 20% من القادمين الجدد للسوق.
الواضح أن معدل البطالة يأخذ اتجاهاً صعودياً، مما يدل على أن عدد الفرص التي يخلقها الاقتصاد الأردني لا تكفي لتلبية طلبات الباحثين الجدد عن عمل.
من التشوهات أن القطاع العام ما زال رئيسياً في خلق الوظائف بصرف النظر عن إنتاجيتها، ونصيبه يصل إلى 44% في حين أن القطاع الخاص يستوعب كل العمالة الوافدة.
القطاع العام متضخم ويشكو من الترهل وأية وظائف جديدة هي زيادة عن حاجته، بينما أن الأصل هو أن القطاع الخاص هو من يجب أن يلعب دوراً متزايداً، في توليد فرص عمل أكبر.
مع ذلك يبدو أن الاحصاءات غير دقيقة، ووزارة العمل تعمل على أساس التقديرات في ظل عدم توفر المعلومات، فالوزير لا يملك أرقاماً محددة عن أعداد الوافدين من كل جنسية، وليس لديه قاعدة معلومات لاسم وجنسية ومكان عمل كل وافد وعنوانه.
ما زاد الطين بلة هو منح أولوية للعمالة السورية لاستيعاب حوالي ربع مليون عامل سوري، ناهيك عن تأمين خدمات التعليم والطب والأمن وغيرها، وما بقي هو توطين هذه العمالة المفاجئة وهو ما طالبت به مبادرة لندن في مقابل الدعم.
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي