انعدام الثقة بين المواطن والحكومة
د. محمد الجبور
05-03-2019 05:16 PM
أن نجاح السياسات والإجراءات الاقتصادية وقدرة الحكومة على تحقيق أهدافها المصرح عنها في بيانها الوزاري يتأثر بشكل كبير بمستوى الثقة السياسية بين المواطنين من جهة والحكومة ومؤسساتها وممثيلها من جهة أخرى تحديداً الوزراء والمدراء العامين في المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المختلفة.
وتسهم الثقة بين المواطن والحكومة في تجاوز العقبات والعثرات التي يمر بها الاقتصاد عموماً وفي تحقيق التنمية خصوصاً أذ يؤكد العديد من الدراسات أن الثقة في الحكومة تسهم في خفض تكاليف المعاملات والمرونة والقدرة على تحقيق التراكم الرأسمالي في ظل حالات عدم اليقين والكفاءة والفاعلية لرأس المال البشري وهي بذلك تشكل المبادئ الإرشادية لكيفية تحقيق النمو والتنمية الاقتصادية بالمقابل فإن ضعف الثقة يؤدي إلى إثارة الشكوك حول جدوى وأهداف السياسات والإجراءات الحكومية ما يحول دون تعاون المواطن مع الحكومة في ممارسة دوره في الرقابة الشعبية لتصويب السياسات أو يعوق التزامه بالقوانين والتشريعات.
علاقة الشعب مع حكومته يجب أن تكون أساساً لكل خطوة تخطوها الحكومة في عملها وهذه العلاقة تعتمد كلياً على ثقة الشعب بحكومته وتبنى هذه الثقة من خلال الأفعال لا الأقوال فالمواطن حتى يؤمن بقانون ما ليطبقه ويحترمه لابد له أن يرى هذا القانون محترماً من قبل المسؤول أولاً وإلا فإنه لن يحترمه.
احترام القوانين التي تضعها الحكومات تعتمد على ثقة الشعب بتلك الحكومة، فإن كان الشعب ينظر لحكومته على أنها تستهدفه في مشاريعها، ولا تراعي حقوقه وطبعا هذه النظرة تكونت لديه من خلال مجموعة معطيات منها الفساد المتفاقم بشكل كبير لذلك هذه النظرة أعدمت الثقة عند المواطن وبذلك خسرت الحكومة أهم عامل يساعدها في التعاطي مع مواطنيها كذلك المشاريع التي تطرحها الحكومة والضرائب المتعددة ليس من السهل تقبلها لانعدام العلاقة اللازمة بين المؤسسات الحكومية والمواطنين فالمواطن يرى حجم الفساد وحجم الموازنات الحكومية وكيفية تعامل الدولة معها بطريقة غير صحيحة أفسدت كل علاقة بينهما فكيف له أن يطمأن أن هذه الإجراءات الجديدة هي لمصلحته مع علمه أن الثقة والعلاقة بين مكونات الحكومة نفسها مفقودة؟
إذا كانت الحكومة عاجزة عن كبح الفساد في وزاراتها فلايجوز لها أن تتعدى على حقوق المواطن بحجة القضاء على الفساد خاصة ونحن نرى الفاسدون يمارسون أعمالهم بكل حرية وأمام أنظار الجميع ومع هذا فأن الثقة الآن بين الحكومة والشعب تكاد تكون في أدنى مستوياتها ومثل هذه القوانين تحتاج للشعب أكثر من غيرها من القوانين، لكي يتم تطبيقها لأنها تمس حياته بشكل مباشر.
عندما لا يرى المواطنون في الحكومة وأعضائها وممثليها من یمثلهم فعلاً ويتحدث بصوتهم ووجعهم تضعف أو تنعدم الثقة وتخيب آمالهم في الطريقة التي تعمل بها المؤسسات الحكومية وما تقدمه إليهم ما يؤدي إلى الإحباط واللامبالاة وسيادة شريعة الغاب و قانون المصالح وما ينجم عن ذلك من ظهور فئات تعتاش على التعقيدات الحكومية والروتين والبيروقراطية وعدم المساءلة والمحاسبة نتيجة سوء الأداء وهو ما يندرج ضمن مفهوم الفساد وما يتبع ذلك من ترسيخ مقومات الخلل الاجتماعي وعدم الاستقرار وعدم الشعور بالأمان وبالتالي تزعزع مفهوم المواطنة.