ايها الأردنيون لا تحولوا ساحات اعتصاماتكم الى الديوان
اللواء المتقاعد مروان العمد
04-03-2019 04:15 PM
هذه صرخة اطلقتها فور ان سمعت بتحرك مسيرة من المتعطلين عن العمل من ابناء مدينة العقبة بأتجاه الديوان الملكي سيراً على الاقدام مطالبين بتوفير فرص عمل لهم بعد ان عجزوا عن العثور على العمل المناسب .
وبداية اريد ان اوضح انني لا اقف ضدهم ولا انكر عليهم حقهم بالعمل وبأتباع أي اسلوب سلمي لتحقيق مطالبهم وحقوقهم ، كما انني متعاطف معهم الى ابعد الحدود . واني ارى ان ايجاد عمل لهم ولغيرهم من المتعطلين يجب ان يكون من اول اولويات الدولة ولا اقول الحكومة . ولكن لأن لي مخاوفي وقناعاتي بخطورة مثل هذة الخطوة في مثل هذه الايام ، واحساسي ان هناك من يلعب على وتر معاناتهم حتى يصبح الديوان هو الخصم فقد اطلقت صرختي هذه .
من المعروف وكما صرح المتعطلين عن العمل انفسهم انهم يمثلون مختلف الكفاءات والثقافات وان من بينهم جامعيين وفنيين ومن لديهم خبرة ومن لا خبرة لهم ومن يبحثون عن حقهم بالعمل والحياة واكتساب الخبرة . ولكني علمت وكما صرح بعضهم انهم يبحثون عن الاستقرار والامان الوظيفي وهذا لا يمكن ان يكون الا من خلال العمل في القطاع الحكومي والقليل من القطاع الخاص .
ومن المعروف ان التعيين في القطاع الحكومي المثقل بما فية من بطالة مقنعة غير متوفر الا بأعدادٍ قليلةٍ جدا وعن طريق ديوان الخدمة المدنية وحسب الحاجة والاختصاص والدور ( هذا اذا استثنينا التعينات التنفيعية والغير شرعية ) . ومن المعروف ان الديوان الملكي لا يتدخل ويجب علية ان لا يتدخل بتعينات ديوان الخدمة المدنية .
وبعد وصول مسيرة متعطلي العقبة الى ابواب الديوان الملكي واعتصامهم امامه خرج اليهم امين عام الديوان الملكي ووعد بتعيين من تقل اعمارهم عن الثلاثين عاماً في اربعة من الاجهزة الامنية وهي القوات المسلحة والامن العام وقوات الدرك والدفاع المدني . وان الديوان الملكي سوف يعمل على توفير عمل لمن هم فوق سن الثلاثين عاماً من خلال اتصالاتة بالقطاع الخاص بالعقبة .
ولكن هل هذا الاجراء سوف ينهي مشكلة كل المتعطلين عن العمل في الاردن ام انه سوف يدخلنا في متاهة كبيرة وخطيرة ؟ . وقبل ان تحكموا على ما اقول انتظروا ما سأقول .
اولاً بالنسبة لهذة الفئة من المتعطلين فهل تتناسب كفائاتهم وثقافاتهم وامكانياتهم الجسدية مع العمل في هذه الاجهزة ؟ كما هل ان جميع من سيتم تعينهم راغبين او قادرين على العمل بهذه الاجهزة ؟ وهل سيتمكن الديوان الملكي من ايجاد عمل للبقية الذين تتجاوز اعمارهم الثلاثين عاماً من خلال القطاع الخاص في العقبة والذي يعاني من مشاكل اقتصادية كبرى ؟ وهل سوف
يوافق المتعطلين على الاعمال التي يمكن ان يوفرها لهم الديوان ؟
ومن هنا نجد انه حتى الآن فلا ضمانات على حل مطالب جميع متعطلي العقبة الامر الذي قد يكون له انعكاسات سلبية على من لا يتم تعينهم .
وحتى لو فرضنا انه تم تعينهم جميعاً ، فماذا سوف يترتب على ذلك ؟
من المعروف ان المتعطلين عن العمل يتوزعون على جميع انحاء الاردن ومن مختلف الفئات واول ما سيفكر بة هؤلاء هو القيام بما قام بة شباب العقبة والتوجهه للديوان الملكي للاعتصام امامه والمطالبة بحصولهم على عمل وهو الامر الذي حصل وخاصة من ابناء معان وبعض المناطق الاخرى والمعتصمين الآن امام الديوان الملكي .
فهل سيكون الديوان الملكي قادراً على ايجاد عمل لهم مثل الذين سبقوهم ؟ ولنفترض انه تمكن
من ذلك اليس هذا دعوة لمتعطلين آخرين من مناطق اخرى في المملكة للذهاب الى الديوان الملكي للحصول على عمل كما فعل غيرهم؟ واليست نتيجة تعين اعداداً اضافية سوف تؤدي زيادة اعداد الذاهبين للاعتصام امام الديوان الملكي للحصول على عمل . وهل سيبقى الديوان قادراً على اجابة هذه الطلبات المتزايدة ؟ وهل سوف تستوعب تلك الاجهزة المزيد من المجندين ؟ وهل تتوفر لدي الدولة الامكانيات المادية لتحقيق ذلك ؟
من المؤكد ان الديوان لن يكون قادراً على الاستمرار في ذلك وايجاد عمل لكل طالب عمل ، وانه ولا بد له ان يتوقف عن الاستجابة لهذة الطلبات . عندها ماذا ستكون ردة فعل المعتصمين ممن لم يحصلوا على عمل بالرغم من حصول آخرين علية ؟ ثم ماذا ستكون ردة فعل من لم يذهب للاعتصام امام الديوان ولم يحصل على فرصة الحصول على عمل ؟
اليس هذا سوف يخلق فجوة كبيرة بين من لم يتم تعينهم وبين الديوان بعد ان كانت هذه الفجوة بينهم وبين الحكومة ؟ وكما وانه مع الاخذ بعين الاعتبار الخطورة الامنية للاعتصام اما الديوان الملكي والصورة السلبية لكذلك امام العالم الامر الذي قد يدفع الاجهزة الامنية الى اجراءات اكثر حزماً مع المعتصمين امام الديوان من المعتصمين في اي مكان آخر ؟ اليس هذا الامر قد يؤدي الى تصادم بين الطرفين ؟ اليس هذا الوضع سيكون مرشحاً لأن يتحول الى مواقف سلبية اتجاه الديوان ومن في الديوان ؟ اليس هذا من الممكن ان يتحول الى صراع مع النظام ؟
لقد تعاطف الكثيرون من الناس مع قضية المتعطلين عن العمل ووقفوا الى جوار فكرة اعتصامهم امام الديون الملكي وغالبيتهم العظمى بحسن نية ولتعاطفهم معهم ومع قضيتهم ولكن البعض لم يكن كذلك .
لو عدنا بالاحداث الى الخلف لبضع اسابيع لوجدنا ان العديد من المحتجين على الاوضاع الاقتصاديةالحالية قد عمدوا الى تصعيد سقف مطالبهم وخطابهم وحاولوا ان يحشدوا الآخرين خلفهم دون نجاح يذكر بالرغم من بعض البيانات والتصريحات التي تجاوزت كل السقوف وتعرضت للنظام والتي صدرت عن بعض الرموز والشخصيات وبعضهم من ابناء كبريات العشائر الاردنية الكريمة وان كانوا لا يمثلونها او من بعض من يسمون انفسهم بالحراكيين والتي بلغت في بعضها لغة البيانات الانقلابية .
وقد سارع هؤلاء الى دعم تحركات المتعطلين عن العمل وعلى اعتصامهم امام الديوان الملكي وهم في حقيقة امرهم يسعون الى النتيجة التي ذكرتها وهي الايقاع ما بينهم وبين الديوان الملكي لعلمهم ان مخططاتهم ضد النظام لن يكتب لها النجاح الا اذا استطاعوا ان يعزلوا النظام عن قواعدة الشعبية التي لطالما اعتمد عليها وخاصة القواعد العشائرية . وتأكيداً على ذلك فقد لاحظنا مؤخراً وبعد زيادة اعداد المعتصمين امام الديوان الملكي صدور العديد من البيانات المتجاوزة للسقوف كلها والتي تدعوا للتمرد بطريقة مماثلة للربيع العربي والتي صدرت ايضاً من بعض الحراكيين والتي نسبونها للعشائر الاردنية الكريمة والدعوة لمسيرات مليونية تطالب بما هو اكثر من الاصلاح ومحاربة الفساد بل هم يتعرضون للنظام واشرعيته وربما هم متأملين بتصاعد حركة الاعتصام امام الديوان الملكي بما يدعم اهدافهم وغاياتهم وبالتالي الانضمام لهم في مطالبهم .
وليس هذا فقط فأنني اعتقد ان هناك من يسعى لتحقيق هذة الغاية ايضاً ولكن بأساليب اخرى . ولا استبعد ان الذين رتبوا لحفل تكريم من لا يستحقون التكريم وفي مناسبة الاحتفالات بعيد ميلاد جلالة الملك المعظم ليسوا بعدين عن ذلك . حيث اننا لو عدنا بالذاكرة لبضع اسابيع سابقة فقد انتشرت اشاعات عن تمويل الديوان الملكي لاقامة احتفال فني بهذه المناسبة وبمبلغ كبير ، وقد سارع الديوان الملكي الى نفي هذه المعلومات ونفي تمويلة لأي احتفال تقيمة اي جهة بهذه المناسبة ليغيب الموضوع عن العيون والاذهان الى ان خرح علينا الحفل الذي رعاه امين عمان الكبرى وبتمويل منها بمبلغ ٢٥ الف دينار بموافقة حكومية بعد ان تمكن منظم الحفل ولا اعرف كيف ولماذا بأقناع الحكومة والامانة بذلك . حيث اقيم الحفل والذي اختلف عن اي حفل مشابه سابق اقيم بمثل هذه المناسبة والتي كان يدعى اليه في العادة كبار المسؤولين الرسميين وكبار الشخصيات العسكرية والمدنية وبحضور صاحب المناسبة جلالة الملك . ولكن هذا الاحتفال كان وكأنه اقيم في عتمة الليل وليخرج علينا بمفاجأته الكبرى وقيامه بتكريم من لا يستحق التكريم وفي ظل هذه الظروف الصعبة التي يعيش فيها الوطن والتي شكلت صدمةً لكل مواطن اردني .
افلا تعتقدون مثلي انه يمكن ان يكون الهدف من ذلك هو اثارة الناس على صاحب المناسبة ؟ .
فهل وصل الاعداد لصفقة القرن الى مرحلة ادخال الاردن في نفق المجهول ؟ وهل اصبح تغير النظام او التهديد بذلك وسيلة لتطبيق صفقة القرن هذه .وخاصة مع ما يحصل في كل يوم من تجاوزات وقرارات كلها استفزازاً للمواطنين وخاصة قرارات التعين غير المنطقية التي تتم ، وناهيك ععا تكشفه الظروف من تفصير واهمال يدفع ثمنه المواطنون من حياتهم ومالهم بحيث اصبح يبدوا ان كل ما يحصل هو لايصال الامور الى حافة الهاوية لعل ذلك يجعل خيار القبول بصفقه القرن اهون الشرور .
ولهذا انا طلبت من الاردنيين من البداية ان لا يجعلوا من الديوان الملكي ساحات لاعتصاماتهم مع احتفاظهم بحقهم بأيصال صوتهم ومطالبهم للديوان ولجلالة الملك لاجل التدخل باصدار تعليماته وأوامره للحكومة للعمل على معالجة هذه الحالة من خلال خلق فرص عمل جديدة ومن خلال استقطاب استشمارات جديدة تساهم في تخفيف البطالة بين المواطنين الاردنين ومطالبة القطاع الخاص بتحسين ظروف العاملين فيه بعد تخفيف الاعباء المالية المفروضة عليه .
ولتكن كل ساحات الاردن ساحات اعتصام ولكن ابتعدوا عن ابواب الديوان الملكي ولا تلقوا على كاهله ما هو من مسؤولية الحكومة بوزاراتها وسلطاتها التنفيذية .ولا تستمعوا لمن يهتف لكم من ورائكم ولكنه في الحقيقة قلبه ليس عليكم.