عذرا حیدر محمود، فجدائل عمان التي تغزلت بھا ووضعتھا فوق الكتفین غرقت، ولم تعد تتطایر مع الریح، فعمان یا عاشقھا غرقت، ووسطھا داھمتھ الأمطار، كما فعلت قبل 5 سنین،وكما فعلت قبل سنین أخرى، دون ان یضع المعنیون حلولا مقنعة لمواجھة الشتاء.
عذرا ایھا الشاعر، فعمان التي نعشق والتي باتت معزوفتنا الیومیة واھزوجتنا الصباحیة ونحن ننشد لھا حبا ونقول ”ارخت عمان جدائلھا فوق الكتفین، فاھتز المجد وقبلھا بین العینین، بارك یا مجد منازلھا والأحبابا، وازرع بالورد مداخلھا بابا بابا“، لم تكن الاسبوع الماضي ھي ذاتھا التي عشقناھا.
لا یكفي تحمیل الطبیعة المسؤولیة، ولا یكفي ان نقول ان الامطار التي سقطت تكفي لاغراق نیویورك، فھذا كلام غیر مقبول، والاصل الوقوف امام ما حصل وقراءة الاسباب والمسببات التي ادت لذلك، وعدم الاتكاء على الطبیعة لتبریر كل ما یجري والھروب من حقیقة باتت واضحة وجلیة لا لبس فیھا وجوھرھا وجود تقصیر یتعین تشخیصھ، ومحاسبة المقصرین.
امر طبیعي ان تھطل الامطار الا اذا كان المسؤولون لدینا وضعوا خططھم وراھنوا على الطبیعة بأن لا تجود علینا بخیرھا، وأمر طبیعي ان یستقبل وسط البلد كمیات كبیرة من الامطار الھاطلة، فوسط البلد یستقبل امطار جبالھا، ولذا كان سیلھا على مر الزمان یرتفع منسوبھ بین فترة واخرى، ولكنھ في اوقات كثیرة لم یداھم اھلھا الا في حال كان ھناك تقصیر في تصریف المیاه، وترد بالبنیة التحتیة، وھو ما بات یتكرر بین فینة واخرى.
علینا ان نعترف ونقر ان بنیة عمان التحتیة متھالكة، وان الكلام الكبیر والتصریحات التي نسمعھا حول تطویر الخدمات، والمشاریع وخلافھ، وضعتھا سیول الاسبوع الماضي خلف ظھرنا وكشفت عوراتنا بشكل جلي دون مواربة.
لا نرید باصا سریعا، لم یر النور منذ زمن، ولا تطویر سوق الذھب او شارع بسمان او تبلیط الارصفة، وانما نبحث عن بنیة تحتیة نفاخر بھا نستطیع من خلالھا تأمین تجارھا واھلھا، وروادھا، فھذا ھو الھم الاكبر الذي لا یجوز غض النظر عنھ.
السؤال، ماذا فعلت امانة عمان لمواجھة تحدي الامطار الذي طرق بابنا قبل خمس سنوات؟!،ومنع خسائر الناس وتوسیع عبارات المیاه؟، وتأمین استقرار الناس في رزقھم وعیشھم؟! لماذا لم تضع خططا مناسبة لمواجھة ذلك؟، لماذا سكتنا، وذھبنا لقضایا قد تكون مھمة، ولكن منع غرق العاصمة أھم من كل مخططات تطویر شارع او تبلیط ارصفة؟
صحیح؛ نحن بحاجة لباص سریع، ولكن البنیة التحتیة ایضا مھمة وسلامة الناس في سلم الاولویات ایضا، وھذا مسؤولیة امانة عمان وحدھا دون غیرھا، ومن خلفھا الحكومة التي یتوجب علیھا عدم الاكتفاء بجولات تطمینیة للتجار، وھو امر محمود، ولكن علیھا ان تضع النقاط فوق الحروف، ومحاسبة المقصرین وھم كثر.
ما حصل، طرق خزان الصمت، واھل عمان حالھم حال اھالي محافظات اخرى یملكون اھلیة تمكنھم من انتخاب امینھم، ولیس تعیینھ، وھو امر یجب ان یبدأ في بدایة طریق الاصلاح والمحاسبة ولیس نھایتھ، فانتخاب امین عمان حق لاھلھا، ولاھلھا ولتجارھا الحق في الحصول على خدمات یدفعون ثمنھا ضرائب ومسقفات وخدمات ونظافة، وھم لا یریدون فقط ایقاف الامر عند حد اعفائھم من رسوم النفایات، وانما الشعور بالامان والامن على تجارتھم، فاولئك
التجار الذین تمسكوا بوسط بلدھم كمصدر رزقھم رغم ضیق الاوضاع الاقتصادیة یستحقون الشعور بالامن والامان.
فلنطرق جدران الخزان، ونعلن انھ قد ان الاوان لكي ینتخب العمانیون امینھم، حتى یتسنى لھم محاسبتھ ان فشل والثناء علیھ ان ابدع، فلعمان یلیق المجد، ولھا الحق ان تختال بجمالھا وتزداد تیھا بدلالھا. (الغد)