ذكرنا في مقال سابق انه ينبغي الانتظار حتى تتضح صورة القوائم المتنافسة في الانتخابات الإسرائيلية ومعرفة الأحزاب التي سوف تشكل ائتلافا موحدا فيما بينها, وكانت المفاجئة لنا كعرب ان بعض الأحزاب اليهودية توحدت في قائمة واحدة بينما تفرقت وتشظت القائمة العربية المشتركة بسبب خلافات شخصية بين القيادات العربية.

هناك تطوران مهمان في الحلبة الانتخابية اليوم هما: الاول ظهور تحالف سياسي جديد بين حزب يش عتيد بقيادة يائير لابيد وبين حزب حوسين لاسرائيل بقيادة بني غانتس فيما يعرف بتكتل " كحول - لاڤان" اي ازرق ابيض ,الذي يعرف نفسه على انه مركز وسط اقرب الى اليمين منه الى اليسار مع ان احزاب اليمين تتهمه بانه حزب يساري ، وقد اظهر تقدما في استطلاعات الرأي على حزب الليكود بفارق 7 مقاعد .

التطور الثاني هو ما يتعلق برئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي صدرت بحقه لائحة اتهام من قبل المدعي العام للدولة أفيحاي مندلبت بالقضايا المعروفة بملفات ذوات ارقام 1000 و2000 و3000 و4000 وهي تهم الرشوة والاحتيال وخيانة الامانة.ومن الناحية القانونية فان توجيه الاتهام لرئيس الوزراء في اسرائيل لا يجبره على الاستقالة بعكس الوزراء الذين يتوجب عليهم ذلك في حال وجهت لهم تهم معينة من قبل الادعاء العام ,لكن رئيس الوزراء يمكنه الاحتفاظ بمنصبه حتى وان اضطر لحضور جلسات المحاكمة حتى يصدر حكم نهائي بإدانته وهو ما يتطلب في حالة نتتياهو 3 سنوات على الأقل ، بمعنى اذا قدر لنتنياهو الفوز في الانتخابات فربما يمضي كامل مدته قبل صدور حكم قضائي بحقه.

اخر استطلاعات الرأي تشير الى ان تكتل ازرق ابيض قد يحظى ب 37 مقعد يليه حزب الليكود ب 30 مقعد ( بهامش خطأ محدود) ومع ذلك يعتقد على نطاق واسع ان بني غانتس قد لا يتمكن من تشكيل الحكومة بسبب محدودية المقاعد التي قد يحصل عليها معسكر اليسار والوسط في مواجهة معسكر اليمين ، فالمعركة الانتخابية اليوم في اسرائيل لا تدور حول عدد المقاعد التي سيحصل عليها كل حزب وإنما هي معركة المعسكرات او الكتل "" البلوك" كما تعرف في اسرائيل ، معسكر الأحزاب اليمينية ما زال يحظى بفرصة الفوز ب 62 مقعد حتى الان وكذلك معسكر اليسار يطوف حول هذا الرقم تقريبا ، لكن مشكلة اليسار او المركز انه يحاول تحقيق هذا الرقم بدون الحاجة الى المقاعد العربية التي لن تنظم بالطبع الى حكومة غانتس لكنها قد تشكل ما يعرف "بالجسم المانع" الذي يحول دون سقوط الحكومة وهو امر لم يحسم بعد لا من جهة الأحزاب العربية ولا من جهة تحالف غانتس لبيد, واشك ان يحصل.

النقطة الاخرى المهمة في هذا الشأن هو قدرة الأحزاب الصغيرة وخاصة اليمينية منها على تجاوز نسبة الحسم فحتى الان لا ينجح حزب اسرائيل بيتنا بقيادة ليبرمان في تجاوز نسبة الحسم كذلك هناك شك في قدرة حزب كولانو بقيادة موشيه كحلون على الحفاظ على عدد أربعة مقاعد الحد الأدنى لأي حزب في الكنيست وهذا يؤثر على قدرة اليمين على تشكيل حكومة .

في الجهة المقابلة لا ينجح حزب التجمع والقائمة العربية باجتياز نسبة الحسم مما يعني خسارة العرب لستة مقاعد من اصل ثلاثة عشر مقعدا كانوا قد حصلوا عليها في الانتخابات السابقة ويبقى للعرب7 مقاعد قد تحصل عليها حزب الجبهة والعربية للتغيير ، مشكلة اخرى تواجه العرب أيضا هو عدم تمثيل بدو النقب في القوائم الحالية ,الذين بدأو يفكرون بمقاطعة الانتخابات مما قد يهدر الكثير من الأصوات العربية وبالتالي تصبح كثافة التصويت عند الأحزاب اليهودية وخاصة اليمينية منها عامل حاسم في الحصول على عدد مقاعد اكبر .

اخيرا ، معركة الانتخابات الاسرائيلية اليوم ليست بين الأحزاب بقدر ما هي معركة بين المعسكرات والاهم من ذلك ان هناك حرب تدور رحاها بين غانتس ونتنياهو حول من يمثل اليمين ,ولذلك لن نستغرب ان نسمع غدا من تكتل ازرق ابيض خلال إطلاقهم للحملة الانتخابية شعارات اكثر يمينية او بالحد الأدنى متماهية مع شعارات اليمين , ولذلك اقول لا تغيير في السياسة الخارجية الاسرائيلية ولا في الموقف من القضية الفلسطينية بصرف النظر عن هوية المنتصر.

Mutaz876@gmail.com