ثمة العدید من الإشارات المھمة التي یمكن التقاطھا في مبادرة لندن، لعل من أھمھا جودة سمعة الأردن الدولیة، كبلد یحظى باحترام المجتمع الدولي شعباً وقیادة. وما كان طرح ھذه المبادرة لدولیة للأردن منفرداً إلا تقدیراً لجھود جلالة الملك الإصلاحیة، وللدور المھم الذي یؤدیھ لأردن، وما عاناه من الصدمات والضغوط الخارجیة التي تتجاوز قدراتھ.
كان حجم المشاركة في المبادرة، خصوصاً من المجتمع الدولي وقادة الأعمال، لافتاً. وكان جھد بریطانیا، التي روجت لھذا الحدث، في إدارة الجلسات وتوزیعھا ومتابعتھا والمشاركة النشطة فیھا واضحاً، في وفاء لما تعھدت بھ رئیسة الوزراء البریطانیة في الجمعیة العمومیة لجلالة الملك في الربع الأخیر من العام الماضي.
وحسب مشاھداتي الخاصة، كان المؤتمر شبیھاً باجتماعات الربیع التي یعقدھا صندوق النقد والبنك الدولیان في واشنطن. وتجدر ملاحظة أن رئیسة صندوق النقد الدولي حضرت المؤتمر برفقة رئیس بعثة الصندوق، وكذلك رئیسة البنك الدولي، إلى جانب قائمة تطول من المشاركین الذین ضموا مسؤولین عرباً.
كانت رسالة المبادرة، التي یفترض أنھا وصلت الجمیع، ھي أن الأردن بلد ینطوي على الفرص الواعدة والإمكانیة لاستقبال الاستثمارات. وھو بلد أنجز على مدى السنوات الماضیة حزمة قویة من الإصلاحات الاقتصادیة لتحسین وتطویر بیئة الأعمال. ویُفترض أن تضم القائمة التي ستتم متابعتھا ما یصل إلى 120 مشروعاً في المرحلة المقبلة، والتي ستعمل الحكومة على متابعتھا بالتعاون مع البنك الدولي والشركاء الدولیین. وقد تم إنجاز مصفوفة الإصلاحات للسنوات الخمس المقبلة، والتي تشكل الإطار اللازم لتحقیق النمو الاقتصادي وجلب الاستثمارات الخارجیة.
یدرك البریطانیون بوضوح أن ھدف تمكین الأردن وتحقیق نموه المستدام لا یتحقق بالمنح فحسب، وإنما بتوطین الاستثمارات التي توفر فرص العمل، والتي تقود إلى تحسین معدلات النمو البطیئة. ورغم ذلك، أعلنت المملكة المتحدة عن تقدیم منحة بقیمة 840 ملیون دولار لخمس سنوات وكفالات للقروض بقیمة 250 ملیون دولار.
وفي المدى القصیر، تم الإعلان عن سقوف تمویلیة بھدف تخفیف عبء خدمة الدین العام على الحكومة، باستبدال قروض تستحق حالیاً بأخرى خارجیة بكلفة منخفضة ولفترات طویلة الأجل تصل إلى 35 عاماً. كما أعلن قسم آخر من المؤسسات الأوروبیة عن سقوف تمویلیة یجري توفیرھا للقطاع الخاص الأجنبي الراغب في الاستثمار بالمملكة. وتجدر الإشارة إلى أن البنك الأوروبي لإعادة الإعمار سبق وأن نفذ نماذج جدیدة للمشاریع في المملكة، والتي نجحت وانعكست نتائجھا إیجاباً على الاقتصاد الوطني.
الیوم، یترتب على الحكومة أن تعمل جاھدة على استثمار ما تم تحقیقیھ من مبادرة لندن، والمتابعة الحثیثة مع الشركاء الدولیین في الجانب الاستثماري في القطاعات الجاھزة لیتولى القطاع الخاص الأجنبي تنفیذھا. كما یجب العمل مع الشركاء المحلیین على زیادة النمو الاقتصادي وتحقیق نمو مستدام یفضي إلى تحسین مستویات المعیشة.
الغد