الطيبون اذ يغادرون إلى رحاب الله الأوسع من رحابنا
أ.د. عدنان المساعدة
03-03-2019 07:37 PM
ثلة من ابناء الوطن البررة غادروا هذه الحياة خلال الأسبوع الماضي ...غادروا إلى رحاب الله الأوسع من رحابنا... ثلة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، فقد أنضم فارسان من فرسان الحق وجنود الوطن إلى قافلة الشهداء التي لم ولن تنتهي، فقد ودع الأردنيون الشهيدين الرائد سعيد الذيب الذي وري الثرى في بلدة زبدة في محافظة اربد والملازم الاول عمر الرحامنة في بلدة يرقا في محافظة البلقاء الذين التحقوا بدرب الشهادة والكرامة وهم بذلك يقولان لكل واحد منا ان الدماء تبذل رخيصة من أجل أردن العزم... أرض الرسالات والمجد...لقد خطّوا بدمائهم الزكية التي تفوح سوسنا وريحانا صفحات البطولة والرجولة ليكونوا القدوة والمثل الأعلى في التضحية والفداء...ساروا على درب الشهيد عبد الله الأول بن الحسين وعلى درب وصفي التل وفراس العجلوني وموفق السلطي ومعاذ الكساسبة وساروا على درب زملائهم شهداء اربد والكرك والسلط الذين واجهوا قوى الشر والظلام والارهاب في جحورهم وأواكارهم غير هيابين ولا آبهين وضربوا مثالا عز نظيرة في البطولة والانتماء الصادق لهذا التراب...مضوا على درب راشد الزيود وسائد المعايطة وغيرهم من أبناء الوطن الأخيار الذين عاهدوا الله والوطن وقيادته الحكيمة لتبقى رايات الشموخ والمجد خفاقة في هذه الديار ولتكون دماؤهم نورا يضيء دروب المستقبل للأجيال، ولتوجه وقفتهم البطولية صفعة قوية لكل من يحاول النيل من ثرى هذا الوطن المرابط، ولتعلم الأجيال بأن ارواحنا رخيصة من أجل اعلاء اسوار الوطن وحمايته من كل متربص و موتور وخوّان اشر.
وعندما يغادر صاحب قلم جريء وصادق وبأسلوب مضحك ومبكي في نفس الوقت يعبّر عن حالة وطنية صادقة تتألم لألم فقيرمحتاج وتصفع كلماته وجه كل متكبر مختال وتعرّي كل فاسد يمس مقدرات الوطن ويعبث في المال العام...فقد كان صالح عربيات الكاتب المثقف الذي كتب بسخرية جادة جسّدت واقع الناس وبأسلوب راق يعكس ثقافة واسعة وفكرا شموليا تغلفه بساطته وطيبته التي يشهد له بها كل من عرفه...ولكنه المرض الذي قاومه بضراوة رغم نحول جسده والذي لم يفت من عضده ويأخذ من عزيمته وصدق انتمائه ووفائه لوطنه الذي كان يريد أن يراه نقيا نظيفا من كل شائبة...فمضى وقلبه معلق بالسلط الأبية، كما كانت عيناه على كل بقعة من ثرى هذا الوطن الذي أحب فلم يهادن باطلا ولم تأخذه بالحق لومة لائم فمضى يحمل قلمه ويكتب حروف كلماته التي تشع ألقا وتضيء دروبا لتخترق العتمة والظلام...فأمضي يا سادن الكلمة الحرّة المسؤولة إلى رحاب الله مع الطيبين والصادقين والأنقياء.
وأكتب أيضا لرحيل أخ عزيز وصديق وفيّ رحيل استاذ جامعي في كلية الطب في جامعة العلوم والتكنولوجيا الذي امضى حياته طالبا للعلم في بلاد الغربة في اليونان وبريطانيا وكان قمة في الخلق والتواضع والعطاء...رحل ابن العم الدكتور هاني مساعده الرجل الطيب بعد معاناة مع المرض وكان خلال السنة الاخيرة مابين دخول المستشفى للعلاج وما بين طلبته ومحاضراته وعمله، وكان رحيله فراقا صعبا على طلبته وأصدقائه ومحبيه الذين بادلوه الوفاء لأنه كان وفيّا، وبادلوه المحبة لأنه كان لهم محبا، وودعته قريته التي أحب بلدة زمال في لواء الكورة وداعا لم ينس من الذاكرة ....هؤلاء هم الطيبون شهداؤنا حملة البندقية والسلاح يقدمون أرواحهم زكيّة لرفعة الوطن...
وهؤلاء هم الطيبون من حملة القلم والكلمة الصادقة التي تحترم الإنسان والحياة لتؤدي رسالتها تجاه وطنها ولتنطلق في الآفاق لا تعرف حدودا لأنها تبذر الخير وتزرع القيم النبيلة في النفوس...وهؤلاء هم الطيبون الذين يسخّرون حياتهم للعلم ولطلبة العلم دونما شوفانية او إستعراض ويعملون بصمت وأمانة وتواضع من غير ضعف ويكّرسون ايضا رسالة سامية من أنبل الرسالات ويغرسون في الأجيال قدسية العمل الصادق الذي يعطي للحياة مذاقا عذبا ينبت سنابل قمح وزروع خير وبركة.
فسلام على الطيبين من ابناء بلدي، وستحتضن هذه الارض أرواحهم الطاهرة برفق وحنان وتتنزل عليهم شآبيب رحمة الله في مقعد صدق في عليين.