مغالطات تقرير الاخوان .. اللا سياسي!
عبد الله ابورمان
26-08-2009 05:15 AM
آخر وصف يمكن أن يطلق على التقرير المتسرب عن جماعة الأخوان المسلمين، هو أنه: سياسي . وسواء أتنصل عقلاء الأخوان من التقرير، أو أقروه؛ فإنه يكشف، وبجلاء، أدوات التضليل، والتشويه، التي سادت، وأخذت تقود الجماعة، إلى الاندغام الكلي مع ذهنية تنظيمات أخرى، مشابهة، ومجاورة؛ تقدم اليوم نموذجا حيا، في القدرة العجيبة على الانتحار الذاتي و.. الجماعي! التقرير، المشار إليه، هو أحدث تعبيرات خطاب طغى وساد في صفوف الجماعة.. أكثر منه تعبيرا عن خطأ في التحليل، أو ضبابية في الرؤية؛ إذ، لا يمكن لأي مختص أو حتى متابع، أن يخلط في أبجديات التحليل السياسي، إلى الحد الذي ظهر في هذا التقرير، وعلى نحو يؤكد أن محرري النص هم الأبعد عن فهم الموقف الأردني، فضلا عن إدراك الحقائق الموضوعية القائمة، والتي تفترض عكس النتائج التي خرج بها المحررون المجهولون.
والمفارقة الواضحة، هنا، هي في كون التقرير السري المتسرب موجها إلى خاصة الجماعة الإسلامية وليس إلى عوامها ، أو ما يطلقون عليه اسم القاعدة الشعبية ؛ ما يعني أن خطابا على هذا القدر من التضليل والمغالطات، هو مشروع آلية تفكير وخطة عمل مفترضة لعقل الجماعة، وليس مجرد خطاب تحريضي أو تعبوي، تقليدي، لغايات دعائية مألوفة في حالة الحركة الإسلامية في الأردن.. فإذا كان هذا هو فهم عقل الجماعة المفترض، للتطورات السياسية والتفاعلات وموقف الأردن الرسمي منها؛ فإننا بصدد كارثة حقيقية، كارثة تشي بأن هذا العقل، هو عقل معتقل، وأسير التماهي مع عقل التوأم المصاب.
.. مغالطات عديدة، ومتنوعة، اقترفها معدو التقرير، بيد أن أبرزها: تلك المغالطة التي لا ترى ولا تريد أن ترى حقيقة أن الأردن، الآن، هو في مواجهة، سياسية، يومية، ومفتوحة مع المشروع الصهيوني الذي تمثل حكومة نتنياهو ذروة تطرفه، ليس من الزاوية النظرية وحسب بل وبالممارسة السياسية أيضا.. وأن الأردن يدرك جيدا بأن أي حديث عن تسوية للصراع، لا تأخذ بعين الاعتبار مصالحه الاستراتيجية وثوابته الراسخة؛ إنما هو محاولة للتحايل على الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، مثلما هو، تماما، إضرار مباشر وصريح بالأردن.
التقرير، إذن، يفترض، وبوضوح: أن المطلوب من الأردن، هو: أن يتآمر على نفسه؛ وأن يعمل عكس ما تمليه مصالحه.. في الوقت الذي يجب أن يعلم فيه معدو التقرير، مثلما يعلم، بداهة، أي مستمع عادي لنشرات ألأخبار، بأن العلاقة الأردنية- الإسرائيلية منذ الدعوى القضائية الدولية التي رفعها الأردن ضد جدار الفصل العنصري وحتى الآن؛ هي علاقة اشتباك سياسي، قانوني، دبلوماسي، دائم ومستمر، حتى ترضخ إسرائيل لمتطلبات الشرعية الدولية ومرجعيات العملية السلمية؛ وتعود الحقوق لأصحابها، كاملة غير منقوصة.
وهنا، لا بد من التذكير بأن الرؤية الإسرائيلية المتطرفة لحل الصراع مع الفلسطينيين، والتي وقف الأردن في مجابهتها، منذ اللحظة الأولى، تقوم على أساس إلغاء حق العودة، ودمج اللاجئين في أماكن تواجدهم.
ولعله من المفيد، في هذا المقام، أن يتذكر الجميع، وبشكل خاص متحمسو الأخوان؛ أن الحركة الإسلامية في الأردن كانت قد بادرت لإصدار وثيقة ما تزال موجودة ومتوفرة، ل الإصلاح السياسي في الأردن ، وبالتزامن مع إطلاق المشروع الأمريكي، البائد، لإصلاح الشرق الأوسط؛ حددت فيها رؤيتها، من خلال إحداث تغييرات جذرية ، من نمط: تغيير قانون الانتخاب على نحو شامل، دون ضوابط، وانتخاب رئيس الوزراء، وإلغاء مجلس الأعيان، وغيرها من الخطوات التي لو؛ لا قدر الله تمت؛ لكان مشوار نتنياهو الآن أقصر بكثير، باتجاه الحل المشوه، والقائم على تصفية القضية الفلسطينية ومشروعها الوطني.
..الدولة الأردنية، بقيادتها وإرادتها السياسية الواضحة، هي رأس الحربة، اليوم، في مواجهة مشروع يمين اليمين الإسرائيلي، وفي التعاطي الإيجابي المبادر مع التفاعلات والتحولات الدولية والإقليمية، دفاعا عن الأردن وفلسطين. وكل من يطرح أي طرح أو برنامج، بهدف إضعاف موقف الدولة، أو فتح أبواب جانبية، هو، بالذات، من يخدم المشروع الصهيوني، ويتساوق معه.
abdromman@yahoo.com