عمقان لسوريا واختراق اسرائيلي لماذا؟
د.حسام العتوم
02-03-2019 11:40 AM
لسوريا الشقيقة في الجوار حليفان وعمقان استراتيجيان ثابتان هما ايران وروسيا، ولهما في العمق معها تاريخ متجدد وعلاقات متطورة وعلى الحدود( حزب الله) ، ويلتقيان ولا يختلفان سياسياً، واقتصادياً، وعسكرياً، ولديهما حرص على عدم التزاحم على الارض السورية، وعبر جنيف، والاستانا، وسوتشي، وموسكو ودمشق، وطهران بقي الحوار بينهما ناجحاً حتى الساعة .
ومن وسط التركيبة السكانية في سوريا استشعر الحضور الايراني المبكر فيها ، حيث يتركز المسلمون من الطائفة العلوية والمذهب الجعفري الشيعي الاثني عشري في قرى الساحل السوري وفي الداخل، ويذكر تقرير وزارة الخارجية الامريكية للحريات الدينية بأن نسبة الشيعة الاثنى عشرية تصل الى 13% في سورية، والقرن الاول الهجري شاهد عيان على جذور التشيع السوري، وتحالف سوري ايراني عميق رغم التباين الايدولوجي بين القومية العلمانية والتوجه الديني، واتفاق على تشكيل جبهة واحده للمقاومة في وجه التطاول والاحتلال الاسرائيلي تحديداً والذي تطور ليصبح تركياً، وأمريكياً معاصر.
يكتب سكوت ريتر كبير مفتشي الاسلحة التابعين للأمم المتحدة في العراق في الفترة الواقعة بين عامي (1991/1998) في مؤلفه ( استهداف ايران. ص 33 ( لكي تفهم الموقف الاسرائيلي الحالي من ايران ربما يكون متحف ياد فاشيم – وهو المتحف الرئيسي في اسرائيل الذي يروي قصة الابادة الجماعية- المكان الأمثل لكي تبدأ منه . ان الاعتراف بالتأثير القوي لذكرى الإبادة الجماعية على كيان إسرائيل ليس مهماً لفهم سبب عدم استعداد اسرائيل للسماح بوجود قوتي تعارض وجودها وحسب ) انتهى الاقتباس، وتعليقي هنا هو بأن كياناً و(دولة) مثل اسرائيل احتلت اراضي العرب في سورية، وفلسطين، ولبنان، أصدقاء إيران، وتهدد ايران تماماً كما تهدد ايران اسرائيل واقوى، بحكم امتلاك ايران للصواريخ البالستية فقط مقابل امتلاك اسرائيل للسلاح النووي، والتصريحات الإيرانية- الإسرائيلية المتكررة واشتباكها خير دليل " خامئني " يهدد بتدمير تل أبيب وحيفا اذا هاجمت اسرائيل ايران 03.2013 ( جريدة المصري اليوم)، " بيريز" واشنطن ستتدخل عسكريا ًعند الضرورة لمنع ايران من تطوير سلاح نووي 20-3-2013 . حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الإثنين، من اي محاولة من قبل ايران لقصف تل ابيب وحيفا، ستكون آخر ايام ثورتها التي يحتفلون بها "2019، فبراير" الجزيرة مباشرة. وفي المقابل حرّكت اسرائيل النار من تحت الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، ودفعت بأمريكا للخروج منه بحجة التشكيك بمواصلة ايران تطوير سلاحها النووي سراً، وهو الذي لم تستطيع المخابرات الامريكية C.I.A اثباته بالأدلة الدامغة حتى وقتنا هذا.
وايران التي تهدد امن اسرائيل، واسرائيل جاهزة للرد بالمثل عليها واكثر تحتل جزر الإمارات العربية الثلاث ( طنب الكبرى، والصغرى، وابو موسى) منذ عام 1971 وهي مكروهة ايضاً، وغير محظوظة وسط العرب، وتتمسك بنشر هلالها الشيعي في عمقهم، وتناكف السعودية المملكة، وتزاحم العرب على الزعامة الدينية، وهي مساند قومي لنظام دمشق، ولحزب الله، ولحماس، ولكل اصناف المقاومة .
وشهدت العلاقات الإيرانية السورية بناءها الأول في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد منذ عام 1979، وهو الذي ساند ايران في حربها مع العراق في الأعوام 1980/1988، ومنع دخول النفط العراقي المصدر الى اوروبا عبر الميناء السوري.
وعلى صعيد العمق الروسي الاستراتيجي لسوريا كان سوفيتياً بإمتياز منذ عام 1944، وساهم في بناء البنية التحتية السورية ومنها العسكرية، وشهد عام 1963 إنشاء ميناء طرطوس للاسطول السوفيتي العسكري، وموقف سوفييتي عسكري متميز مع سوريا، والعرب في حرب تشرين عام 1973 التي شارك فيها ايضاً جيشنا العربي الاردني الباسل الى جانب مصر، وقدم اللواء الاردني الاربعون بقيادة الجنرال خالد هجوج المجالي مثالاً للتضحية والفداء دفاعاً عن الجولان وسط التراب السوري فعادت مدينة( القنيطرة) الى عرين العرب بعد تقديم باقة من الشهداء، ولم يسبق لروسيا المعاصرة ان رمت بثقلها العسكري، والدبلوماسي، والسياسي وسط العرب كما فعلت عام 2015 في سورية، وحتى في العراق لم تكن كذلك قبل عام 2003، واستشعرت الحراك الامريكي مبكراً تجاه سورية، ولم تقتنع به، واستقطبته لاحقاً لحل مشكلة السلاح الكيماوي السوري وترسانته الخطرة العسكرية، وللاتفاق على نقل السلطة في دمشق عبر الحوار مع المعارضة بعد توحيدها، وبعد طرد الارهاب، ولم تفرق بين عصابتي ( داعش)، و(النصرة) المجرمتين كما فعلت امريكا، وانجحت روسيا الى جانب امريكا والأردن منطقة خفض تصعيد في الجنوب السوري، واخرى في الشمال بالتعاون مع تركيا وايران في ادلب بالإضافة الى مناطق اخرى بطبيعة الحال، والسؤال العريض الذي يطرحه الشارع العربي هو لماذا الاختراق العسكري الإسرائيلي المتكرر للسيادة السورية بهدف استهداف ايران، وحزب الله على الارض السورية من دون حماية من روسيا ولا حتى من ايران ؟
وهل ثمة اتفاق Gentleman’s agreement على امن اسرائيل يشمل حتى عدم تحرش سوريا، وايران، وحزب الله بإسرائيل مباشرة او عن بعد؟ وهل تهدد ايران اسرائيل من وسط سوريا فعلاً؟ ولماذا لا يتوحد العرب ولا يذهبون لصناعة القوة الواحدة الرادعة للهمجية الإسرائيلية؟
انها اسئلة كثيرة ولا اجابات صريحة وروسيا تحديداً تلعب دور المنظم والميزان بين سوريا، وإيران واسرائيل، وتركيا، وامريكا، وحريصة على مصالحها القومية، ومنها الإقتصادية الكبيرة. ومحاضرة للملحقية العسكرية الروسية بعمان في مقر نادي (ابن سينا) لخريجي روسيا وجمعية الصداقة الروسية بتاريخ 20 شباط الماضي اظهرت قوة ودقة الحضور العسكري في سوريا ومن بينه، التكنولوجي المحترف وفي قاعدة( حميميم)، والخدمات رفيعة المستوى التي تقدمها روسيا لسوريا باستمرار ومنها الإنسانية وفي مجال مكافحة الارهاب ، ومن دون التطاول على بسطاء الناس كما يشاع إعلامياً.