يؤذن المؤذن ، وتخرج علينا مذيعتان ، امس ، عبر برنامج "رمضان معنا احلى" في اداء ركيك ، ولغة مفككة ، وتقول احداهما البارحة انها باسم الشعب الاردني "وباسم كل حدا" تشكر احدى الشركات الراعية للبرنامج.
لم افهم ما تقصده المذيعة بجملة "باسم كل حدا" هل هي تعبر عن فراغ جغرافي ، ام عن مجاميع سكانية ، ثم مادخل الشعب الاردني لتنطق باسمه ، هل تعمل بوظيفة وزير خارجية ام وزير داخلية ، وما علاقة الشعب الاردني بشركة راعية ، حتى يشكرها الشعب في العقبة ومعان والكرك والطفيلة والبوادي ومادبا وجرش وعجلون والزرقاء واربد ، هل هؤلاء هم "كل حدا" ام انهم الشعب الاردني الذي يكون في اولى لحظات الافطار حين يتابع اعلاما ممجوجا ، وبلا طعم ولانكهة.
التلفزيون الاردني ، مصاب بعقد لا تعد ولا تحصى ، فلا هو تلفزيون الاردنيين ، ولا هو تلفزيون المقيمين ، ولا هو تلفزيون عابري السبيل ، تتعدد فيه اللهجات ، وتتنوع فيه البصمات ، ويكفي لبعضنا ان يلمس ان لا هوية للتلفزيون ، الذي لا يريد ان يتعب وكان بامكانه في موعد الافطار ان يبث على الهواء مباشرة كل يوم من مكان ، تارة من مبرة ايتام ، ليستضيفهم ، وتارة من موقع نشط للامن العام ، وتارة لاطباء وقت مناوبتهم ، وتارة من بيت عادي من بيوتنا ، في كل انحاء المملكة السعيدة ، بدلا من هذه الميوعة التي تسمى برامج رمضانية ، لا جرعة دينية فيها ولا احساس اجتماعيا ، ولا تأكيد على الذاكرة الوطنية ، حيث لا تسمع في البرنامج الا صيحات الفرح على الطريقة الاجنبية بالقول.. (اوه اوه) فيما المقابلة مع سيدة من الجفر او مخيم البقعة.
لم نتعلم حتى اليوم كيف ننتج اعلاما مناسبا لرمضان ، لاننا طردنا كل الكفاءات الى مغتربات الدنيا ، واكتفينا بالفخر والتفاخر ان اعلاميينا موجودون في كل شبكات التلفزة ، ولم يقل احد لنا لماذا هم في الخارج اساسا ، ألم يهربوا من الرواتب الهزيلة ، وسوء المعاملة وقتل الابداع ، ألم نتسبب في هجرتهم ، ثم نريد ان نعتاش على هروبهم فنتفاخر بأن الكفاءات الاردنية في كل مكان ، ولا ارى دولة في الدنيا تتفاخر بأن اهم كفاءاتها هي في الخارج ، سوانا ، برغم ان هذا دليل على بؤس مناخات الداخل الابداعية ، ودليل على اضطهادنا لكل مبدع واحتفاظنا بأصحاب الواسطات ، وانصاف الكفاءات.
اذا اردتم ان يكون رمضان معكم احلى ، فابحثوا عن طريقة غير هذه الطريقة ، بدلا من الاتيان بمذيعات ينطقن بأسم الشعب الاردني وباسم "كل حدا" وكأننا شعب مجهول الهوية ، وليس له اسم او عنوان ، وحتى يصلح الله امر التلفزيون ، نتسلى بقنوات الاخرين ، ويعزينا شعورنا ان خلف هذه او تلك ، اردني او اردنية فرّ الى بلاد الحر والرطوبة ، فأبدع خير ابداع.
باسمي وباسم "كل حدا" اتمنى لكم صياما مقبولا.
mtair@addustour.com.jo