خطورة حل الدولتين صوريا للصراع العربي الإسرائيلي
فتح رضوان
01-03-2019 03:28 AM
خطورة حل الدولتين صوريا للصراع العربي الإسرائيلي وكيف تستطيع الدولة الأردنية إفشال الخطة.
باديء ذي بدء لا بد من الإشارة الى أن نتنياهو هو خير من طبق النظرية الصهيونية في تاريخ إسرائيل وهو يمثل الغالبية المطلقة من سكان الكيان وهو الأطول مدة في حكم إسرائيل وكل الذي يقال حول أنه يمارس الان الدعاية الانتخابية حين يجلس مع بعض المسؤولين العرب هو هراء وإذا لم يفز في الانتخابات القادمة فسوف يأتي من هو أشد منه تطرفا أو ذكاء في تطبيق نفس الخطة.
نحن الان في انتظار صفقة القرن التي ستطرح حسب ما يستشف من الإعلام العبري ما يسمى بحل الدولتين على إسرائيل والفلسطينيين ، صفقة القرن هي صناعة نتيناهو مائة بالمائة وهي تمثل نهاية الصراع بالطريقة الصهيونية أي شرعنة تهويد الارض الفلسطينية والتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى ونسف حق العودة أو مقايضته بحقوق من هجروا من حارات وأحياء اليهود في البلدان العربية.
ليس هناك جديد في الفقرة أعلاه ولكن الجديد هو تسويق كل الجرائم أعلاه وشطب كل المقررات الدولية التي شكلت على الأقل أساس الحل الذي تؤيده المجموعة الدولية برمتها وعلى أساس هذا الحل تمت اتفاقات أوسلو المشؤومة وكل ذلك في صفقة القرن المنتظرة تحت عنوان حل الدولتين بل وهذا شبه مؤكد أن تكون هناك عاصمة إدارية فلسطينية على أجراء من مدينة القدس وإعطاء الفلسطينيين بعض الحقوق.
اذا لا سيادة على حدود الرابع من حزيران حسب القرارات الدولية ولا قدس ولا عودة وكل ذلك تمهيدا لإلحاق سكان الضفة الغربية إداريا وسياسيا بالأردن واستبدال السلطة الوطنية الفلسطينية باسم جديد اسمه دولة فلسطين التي ستتحد حسب الخطة كونفدراليا مع الأردن ومن دون أي تفاصيل، أي إلقاء المشكلة الإدارية والأمنية في الضفة الغربية في حضن المملكة الأردنية الهاشمية وتسويق ذلك على أنه تنازل من الطرفين من أجل السلام.
يسوق الإعلام الصهيوني الان وقبل الانتخابات الإسرائيلية وبغض النظر عمن سيفوز فيها على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي القادم وكائنًا من كان ليس بإمكانه رفض الخطة ولا سيما أن الرئيس الأمريكي ترمب قد قدم الكثير لإسرائيل ولا بد من رد الجميل ويالتالي على أي رئيس وزراء قادم لإسرائيل أن يضحي ويقبل الخطة!!!
لن تفزع الأنظمة العربية للأردن ولكن هذا لا يعفي الدولة الأردنية حكومة وشعبا من مهمة إفشال الخطة التي هي كما إسرائيل ذاتها أوهن من بيت العنكبوت فالكونفدرالية يستحيل تحقيقها بين دولتين إحداهما ( دولة فلسطين) ستكون منزوعة السيادة بشكل شبه كلي ، فلا ندري ما هو الشكل الذي سيمرر به الأمريكان هذه الفضيحة.
يجدر بِنَا الان أن نتذكر إغراق الأردن بالدين وأنه لربما هناك كتلة اجتماعيه لا يستهان بها عندنا تنتظر الخطة على أحر من الجمر وربما في عقول شياطين صفقة القرن من الخطوات اللاحقة ما يهدد الدولة الأردنية وأننا أمام حرب عقول علينا أن نعرف كيف نتصدى لها ففشل إسرائيل منذ خمسين عاما في إحراز نصر حقيقي في أي معركة ومنذ نكسة حزيران عام ١٩٦٧ جعلها تعيد استراجياتها كاملة بل هي بالكاد تحافظ على حدود الأرض التي تقف عليها عدا بالتأكيد مأساة الاستيطان وابتلاع أرض فلسطين .
اذا ما العمل، عبارة واحدة قلناها مرارا وتكرارا وهي إعادة الأوضاع أردنيا الى ما قبل أوسلو وما قبل فك الارتباط مع الضفة الغربية والذي تم دون طيب خاطر من الحسين رحمه الله كخطوة مطلوبة لإتاحة المجال لقيام دولة فلسطينية وها نحن قد انتظرنا أكثر من عشرين عاما منذ فك الارتباط ولم تقم دولة فلسطينية بل لم تقف الأمور عند هذا الحد فها نحن نقف عشية صفقة فيها تهديد مباشر لسيادة الأردن واستقراره ووحدته الوطنية وما يهدد الأردن يهدد فلسطين والعكس صحيح.
ما أقترحناه أعلاه مقبول شعبيا في الضفة الغربية حيث عاش الفلسطينيون والذين يملكون الرقم الوطني الأردني هناك أوضاعا مشابهة لمدة زادت عن عشرين عاما حتى جاءت اتفاقات أوسلو المشؤومة التي تكشف لاحقا أنها كانت عقابا جماعيا للشعب الفلسطيني بسبب انتفاضته الأولى ، فلنعد الى نقطة الصفر لا بأس وإذا كانوا يريدون سلاما اقتصاديا فلنقم بتشجيع الدول الخليجية على الانخراط الكامل حتى في الأنشطة الاقتصادية ليس في الضفة والقطاع فحسب بل في عمق فلسطين التاريخية ولكن لنفعل كل ذلك أردنيا دون المشاركة في المؤامرة على المقاومة الفلسطينية.
بكل بساطة: دعوا إسرائيل ومصيرها مع المقاومة الفلسطينية طالما ترفض ما أجمع عليه العالم من وجوب إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وليس إقامة حكم ذاتي فلسطيني مع بعض المقرات الإدارية على أجزاء من القدس سيسمونها زورا وبهتانا عاصمة فلسطين.
من ينكر مشروعية السلام الاقتصادي عليه أن يعيد قراءة تاريخنا المجيد جيدا، وعليه أن يعلم أن المقاطعة الاقتصادية وسيلة من وسائل الحرب واستخدامها ليس واجبا شرعيا بل لو صدق العرب قد يكون السلام الاقتصادي وسيلة في أيديهم وليس ضدهم فلتأت تريليونات المال العربي السائل حول العالم الى المنطقة بدل فقدانها إذا تغير هذا النظام العالمي البائس أو حدثت للدولار نكسة.
على من يفكرون بموضوع السلام الاقتصادي على أنه تطبيع ان يعيدوا حساباتهم جيدا فالمعركة معركة وعي والحرب خدعة ولكن لأن المواطن العربي البسيط تعود على أن التعامل مع الكيان الصهيوني تزامن دائماً مع الانبطاح لكل مخططاته فهو يرفض السلام الاقتصادي احتياطا لا أكثر ولا أقل وعلى الأقل فنصف من هم داخل حدود فلسطين فلسطينيون ولذلك حين نقول أن اسرائيل أوهن من بيت العنكبوت فنحن نعلم جيدا ماذا يعني ذلك.
أنا أرى أن السلام الاقتصادي دون التنازل عن الثوابت والحقوق وإنكار المقاومة هو فرصة عظيمة للأردن لتدارك أخطاء عقود من سوء الإدارة والتخطيط وفرصة للتواصل مع الدول المتقدمة للاستثمار في إعداد كامل البنية التحتية للصناعة والزراعة والخدمات وان يكون مستوى الحياة متساويا على ضفتي نهر الأردن.
المعركة بأدق تعبير ممكن هي معركة عقول وإرادة ووحدة وطنية وإيصال هذه الوحدة الى درجة من الصلابة لا تقبل الكسر، فهناك في الداخل الأردني بكل أسى من يسوقون أن عدو الأردن مستقبلا هم الفلسطينيون وليس إسرائيل كما تسوق أمريكا على العرب. ان عدوهم هي إيران وليس إسرائيل.
إذا وكما الشمس في رابعة النهار، كل الرهان الصهيوني هو على إشعال فتيل الفتنة بين الشعبين الأردني والفلسطيني وأن يصبح كل منهما عدو الآخر، وأيضاً كما نقول مرارا، الشعوب هي من يقرر نجاح المعاهدات والاتفاقات ولا يحتاج الأمر لا الى تظاهرات ولا الى اعتصامات، يحتاج فقط أن يشعر كل بالغ وعاقل من الشعبين أنه جزء من المعركة لا أكثر ولا أقل وأن يبذل ما يستطيع.
إن ما يجعل من وحدة الشعبين الأردني والفلسطيني والضفتين تحصيل حاصل أن هناك إجماعا على القيادة الهاشمية وهذا مدخل رائع ليس فقط لكونفدرالية بل لفيدرالية كاملة بإقليمين وجيش وسيادة واحدة بحكومتين وأن يحكم كل شعب نفسه دون المساس بحقوق الاخر وخياراته ولكن بكل تأكيد فإن أي شكل من العلاقة بين الشعبين بما يشمل الجغرافيا يلزمه تطبيق القرارات الدولية ذات العلاقة بحذافيرها بما يضمن استعادة الفلسطينيين لأرضهم بما فيها أراضي الوقف المدونة في السجل العثماني وليس فقط الأملاك الخاصة، وإذا أردنا أن نبني سدا منيعا أمام كل المخططات الخبيثة فيمكن تشريع الوحدة ووضع كافة أسسها بين الشعبين دون انتظار استعادة الأراضي مع تقديس حق المقاومة لمن هو تحت نير الاحتلال وذلك حسب كل الشرائع والقوانين سواء كانت أرضية أم سماوية.
في الخلاصة لن يقبل الكيان قيام دولة فلسطينية لأنه يعلم علم اليقين أنها تعني ذوبان الكيان الصهيوني وبالتالي ولان السياسة هي فن الممكن فأمام الأردن خيارات متعددة وهائلة ومتاحة ولا يلزمه التفريط بأي من حقوقه إذا أدركنا طبيعة المعركة المفروضة علينا من قبل هذا النظام العالمي البائس.