لربما لا يعاني قطاع في وطننا من ترف الإهمال كالثقافة في ضوء سلم الأولويات المثقلة، ولربما لا يوجد قطاع يخبو وبات مريدوه قلة كالثقافة في جوانبها كافة.
فالثقافة سواء في إطارها الإداري أو إطارها الإعلامي " الملاحق الثقافية " وصحفنا ومواقعنا الإلكترونية او منابرنا باتت تخبو شيئاً فشيئاً ، حتى الصحفيين المشتغلين بالهم والمشهد الثقافي باتت أعدادهم تقل.
هذه الحالة يضاف لها إنشغال وقلة زائري فعالياتنا الثقافية، ألا تنبأ أو تشير إلى أننا تجاوزنا في هذا القطاع مرحلة الإهمال إلى ترفه ! وألا تقرع جرس الإنذار أننا بتنا أمام حالة من القصور الثقافي، وغياب الكاتب والمبدع والشاعر والفنان عن المشهد المكتظ بتفاصيل يوميات الأردنيين بدءاً من وسائل التواصل الاجتماعي و ليس إنتهاء بالمنبر.
ودع عنك منتجات ومهرجانات تتستر بغطاء الثقافة لتخفي في باطنها الغناء والشكل ، فليست هذه من الثقافة سوى قشورها، إن لم تكن حتى لا تشبهها في شيء!
إن الثقافة اليوم في وطننا باتت بحاجة إلى وقفة وجهود اكبر أسوة بقطاعات أخرى كالاقتصاد والزراعة وغيرها، وتأمل المشهد الذي يشير إلى أن منتدياتها ودور نشرها وهمومها والمشتغلين بها باتوا كجزرٍ متباعدةٍ لا يصل بينها شيء،فإلى متى سنبقى نتجاوزها كونها ترف ، ووصلت إلى حالة من التفنن في ترف الغياب!
أمام هذا المشهد وجب علينا أن نقدم باقتراحات بدءاً بعملية عصف ذهني ينتدي فيها جمع من رموزها وأهلها ، في مؤتمر أو لقاء أو خلوة، ولزم إعادة تقييم التجربة الأردنية وما تحمله من وجدان ومنتج أدبي وفكري، ومحاولة وضع الإرهاصات لإعادة بث الحياة في المشهد وحاجاته.
وبات لزاماً إعادة تقييم تجربة التعاطي مع الهم الثقافي، والخروج بأفكار كبيرة توازي القطاعات الأخرى التي تتقدم شيئاً فشيئاً.
وطرح الحلول العملية لمعالجة الهم الثقافي لا يأتي بقرار، بل يأتي بأفكار، تستقطب جيلاً بات يغيب عن المشهد الثقافي ، وإن حاول أن يجتهد أو يصنع تجربته فإنه يواجه جيلاً ما زال يفكر بالأدوات القديمة.
فنضارة المشهد بحاجة إلى أن نلتقي وننتدي ونخرج بما يحمل الهم الثقافي إلى أن يعود في الصدارة، فالأردن في تكوينه وشكله لا يليق به إلا صورة المثقف الناصعة!
ويعول كثيرا على مساعي التكاملية بالعمل بين الثقافي والشبابي ، فغياب الشباب عن الثقافة في ظل همومهم المتزايدة وفشل مشاريع سابقة في ادماجهم او استيعابهم يخلق حالة فراغ يصعب ملؤها مع تقادم الزمن.