هناك من يستدعي صندوق النقد !!!
عصام قضماني
25-08-2009 04:50 AM
عقد مقارنة فيها نقاط تشابه بين وضع الاقتصاد الأردني بين عامي 1989 و 2009 ر تستدعي عودة صندوق النقد الدولي في برنامج تصحيح جديد ر لا تنطوي على مبالغة فحسب ر انما فيها قراءة خاطئة لوضع الاقتصاد ر اليوم مقارنة مع سنة الأزمة في عام 89 والفرق بينهما كبير جدا . المشهد في عام 89 يمكن تلخيصه بانهيار سعر صرف الدينار وتبخر الاحتياطيات من العملات الأجنبية وعجز كبير في الموازنة أوصل الى حالة شلل كامل في الوفاء بالالتزامات تجاه الداخل والخارج ومن ذلك عجز عن سداد فوائد القروض الخارجية فكيف بأقساطها ر بالاضافة الى معدلات نمو سالبة ر على هذه الخلفية أستدعي صندوق النقد الدولي ليضع برنامج تصحيح اقتصادي قاسيا هدف أنذاك الى تصويب أوضاع الموازنة العامة وهيكلتها في حدود تسمح بالسيطرة على العجز فيها ووضع سقوف يمنع تجاوزها.
المشهد اليوم مختلف تماما ر فالاقتصاد الأردني قادر على تحقيق معدلات نمو جيدة بالمقارنة مع ما قد تحققه دول أخرى في ظل الأزمة ر والتوقعات تشير الى 3و4% لهذا العام أي في عام الأزمة ر كما أن الاحتياطيات من النقد الأجنبي التي كانت في عام 89 صفرا هي اليوم أكثر من 9 مليارات دولار وتتجاوز تغطيتها للمستوردات الفترة الزمنية الآمنة بنحو شهرين أو أكثر ر كما أن العجز في الميزان التجاري يتراجع مع تراجع قيمة النفط وإجمالي قيم مجموعة السلع الأساسية ر أما بالنسبة للمديونية الخارجية ر فهي محكومة بسقوف قانونية تحددها كنسبة الى الناتج المحلي الاجمالي لا يجوز تجاوزها .
المعضلة الأساسية التي يشار اليها عند الحديث عن ضرورة استدعاء برنامج تصحيح صندوقي هي عجز الموازنة الذي سيتجاوز السقف المتوقع بأكثر من نصف مليار دينار ليبلغ نحو 4ر1 مليار دينار في أسوأ التوقعات ر وهو عجز مقلق ر لكنه ليس عصيا على العلاج ر كما أنه لا يبرر تصاعد حملة القلق وتضخيمها لأسباب ليست اقتصادية ليكون الثمن في النهاية استدعاء الصندوق وبرامجه التصحيحية ر التي لا يدرك بعض المحللين معناها وآثارها ر على وضع الاقتصاد وتصنيفه والثقة به التي احتاج لبنائها وترسيخها في أعقاب أزمة 89 الى جهود مضنية وثمن باهظ .
الاردن الذي دخل عام 1989 في برنامج الاصلاحات المالي والاقتصادي باشراف صندوق النقد الدولي انتهى من هذا البرنامج بنجاح حقيقي في منتصف عام 2004 ليتبنى بعدها وما يزال برامج اصلاح وطنية . قد تكون الحاجة ماسة الى اصلاحات مالية تتناول أليات وبنود الانفاق في الموازنة ر واصلاحات ضريبية تحسن ايرادات الضرائب وتحد من التهرب وتحقق حدا معقولا من العدالة الضريبية لمصلحة الاستثمار الحقيقير المولد لفرص عمل والذي يحقق للاقتصاد القيمة المضافة التي يحتاجها ر لكن أبدا لسنا نحتاج الى عودة صندوق النقد ليتورط مجددا في الاقتصاد ر ليس من باب رفض الفكرةر إنما لأن الظروف التي جلبت الصندوق في عام الأزمة ليست هي ذاتها اليوم والفارق كبير .
qadmaniisam@yahoo.com