صالح عربيات .. ليت المنايا .. !
فايز الفايز
28-02-2019 12:33 AM
سبحان خالق الموت والحياة، كان له من اسمه النصيب كله، فهو الأصلح حينما تتعطل عجلة قيادة الفقراء والبسطاء والمهمشين والضعفاء الذين استقوى عليهم الحشد المتخم بالرياء، أصابعه النحيلة كجسمه اللوزي لم تئن تحت وطأة المرض، فبقي النابض الذي يتدفق قلمه بدم الإسعاف لعيون القّراء، ليبتسموا في وجه الصفحة ويتلمسوا أصل المعاناة.
رحيل الزميل العزيز والصديق الدافئ الهادئ الرزين، كما يرحل السحاب عن سماء الشتاء، حيث أمطرنا سنوات من الوعي الفلسفي، شرّح فيها الجثث الرسمية التي لم يعد فيها حياة لنا ولا أمل للدولة ولا فزعة للمنكوبين بهم من طبقات الشح الإجتماعي، وبذل من عمره الفتي ليالي طويلة يعصر فيها من حنظلة الواقع، علّ المرّ يداوي يوما من أصاب قلبه الصدأ، ويقفل مقالته بأمل في مستقبل يحكم فيه أطفالنا على عجلة قيادة منظومة محترمة تغار على الوطن.
صالح، كان ساخرا أديبا، غير فاحش ولا متوحش، فشجرته طيبة من أهل طيبين، يسمع ويرى ثم يرسم الأنين كلمات تبتسم لها العيون، مخفيا سرّا مخيفا يزحف تحت جسده المرهق، ولا ينتظر رجع صدى من الصمّ البكمّ الذين لا يفقهون خلف الجدران المتعفنة التي أصابتهم بالجرب، إذ يصيبهم الحكاك من كل صوت يكشف سوء إدارتهم، ويتلبسّهم شيطان إذا ناداهم الكاتب يوما: يا أيها الذين قصرتم وفرطتم بحق وأنتم تعلمون..
رحلت يا صالح وتركت ساحة من الضياع واللهو الذي لن ينتهي إلا بقانون الحدّاد، فسيوف الحق ستقطف رؤوس الباطل مهما تطاولت، وسيعود وطنك الذي عشقته طودا عظيما، يقوده أبناؤك اليافعون يوما ولن يتركوه للفئران التي أفسدت الزرع بأفكارها الخبيثة.
ألا ليت المنايا يا صالح أمهلتك لتفرح بأشبالك أيها الأسد المتمرد، ولكنهم سيفرحون يوما، وسيفخرون حتى تشرئب أعناقهم حتى تطاول السماء بإرثك الشريف العفيف النقي التقي الذي زرعته في كل بيت من وطنهم، فلا تخف عليهم، فهم في كنف أم علمتها كيف تكون نساؤنا ماجدات لا مائلات مستميلات، وهي ثمرة من شجرة طيبة، دوحة كرم وجود ورجال صناديد.
ليت المنايا يا صالح، ولكنه أمر الله الذي بيده ملكوت السماء والأرض، وعزاؤنا قلوب أحبتك وعيون قرأتك وأرض السلط التي ضمتّك، ورب سماء رحيم أمطرت سماؤه على قبرك وجموع ودعتّك..
يا صالح :كنا نعقد الآمال بطول الآجال، ولكننا اليوم في خوف من موت الطيبين الصادقين المخلصين، فها هي الآمال أخلفت وعدها, وأنجزت المنايا فيك الوعيد.. وداعا أيها الصنديد
Royal430@hotmail.com
الرأي