الخامس عشر من آب لعام الف وتسع مائة وستة عشر ميلادية كان صباحاً مكياً جميلا ربيعياً دافئاً حيث شهد ذلك الصباح المبارك صدور العدد الاول من جريدة القبلة المكية الحجازية فكانت نقلة نوعية ومنيراً ومناراً اعلامياً في حياة الحجازيين وناطقا بإسم إمارة الحجاز الهاشمية .
كان للمغفور له الشريف حسين بن علي رحمه الله اليد الطولى في ولادة (القبلة )وبهمه بعض المثقفين واصحاب القلم من أبناء الحجاز وبعض موظفي الأمارة .
تشابكت الأيدي وتلاقت الارادات وتوحدت الرؤية وتكاثف المثقفين في عاصمة الثورة ومنطلقها للصناعة هذا الحدث الثقافي العظيم المميز والصفحة المضيئة في تاريخ البلاد .
جريدة القبلة التي تم اشتقاق اسمها من قوله تعالى
(وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ ۚ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ)
وقد تم اختيار الاسم والعنوان بتوجيه من سيادة الشريف حسين بن علي خلال لقائه بالهيئة التأسيسيه للتحرير التي ترأسها الاستاذ والمفكر الشيخ محب الدين الخطيب ثم خلفه الشيخ حسن الصبان .
كان صدور العدد الاول بالتاريخ الذي أسلفنا حيث تم أعداده وأخراجه في المطبعة الحكومية الأميرية الواقعة بحي أجياد المكي الشهير .
كانت القبلة بمثابة وزارة اعلام لحكومة الحجاز تنشر الأخبار الرسمية والبلاغات الحكومية وابداعات الأدباء والشعراء والكتاب وفقهاء الشرع الحنيف واحوال دولة الحجاز وما يتوفر وقتها من أخبار عن سائر أرجاء العالم في غياب محطات الأذاعة والتلفزة في ذلك الزمن ولم يكن متسعاً للحجازيين للمطالعة بعض اخبار العالم الا من خلال ما يأتي من صحف يحملها المسافرين من حجاج ومعتمرين من صحف مصرية وسورية كان قد مضى عليها بضع أسابيع .صدر العدد الأول من جريدة القبلة بأفتتاحية كلمة الجريدة وتتحدث عن مسارات االنهضة العربية الكبرى في جوانبها السياسية والاجتماعية بالأضافة للجانب العسكري وتتحدث عن احوال العالم الاسلامي ومقالة تاريخية بقلم الكاتب احمد فؤاد وفي ختام الصفحة الأخيرة قصيدة رائعة من اربعين بيتاً للأستاذ الشاعر فؤاد الخطيب مطلعها .
حي الشريف وحي البيت والحرما ... وأنهض فمثلك يرعى المهد والذمم
ويقول خير الدين زركلي ان الحسين نفسه قد كتب مقالات كثيرة عرفها قرائه من خلال اسلوبه المعروف الذي لا يتغير رغم استعماله أسماء مستعارة(أبرزها ابن جلا) وقد اكد ذلك الشيخ محمد نصيف الذي ترأس تحريرها لاحقا . واستمرت القبلة بالصدور بعددين في الاسبوع وكان اخر عدد يحمل الرقم 823 وكان قد صدر بتاريخ 25ايلول 1924 ولا نزال إلى اليوم بحاجة إلى لغة خطاب كهذه