الإشاعات تملأ الفضاء الأردني، وَتَتَحَدَّث عَن تفسيرات مُتَعَدِدَة للوضع الاقتصادي الَّذِي نمر فِيهِ، ابْتِدَاء من تفسيرات تعزو الأمر إلى حَالَة الحصار غير المعلن الَّتِي عاشتها الأرْدُنّ لِسَنواتٍ طَوِيلَة من خِلال إغلاق الأسواق التَقْلِيدِيَّة فِي العِرَاق وَسُوريا، وانسداد الطريق البري بِسَبَب الأحداث المؤسفة فِي العزيزة سُوريا، إضافة إلى الوضع العالمي العام الَّذِي يُعَانِي من احتكار هائل للثروة، وسيطرة رأسمال عالمي عابر للقارات.
والتفسير الأكثر تطرفًا يَتَحَدَّث عَن إفقار مقصود، ومؤامرة مرتبطة بصفقة القرن، وَخُطَّة مُمنهَجَة، وَبَيْنَ هَؤلاء وَهَؤلاء يَقِف صف من الحائرين المتسائلين عَن السَّبَب فِي توقف الاقتصاد، وتهديد العَدِيد من الشَّرِكَات والمصانع بالتوقف عَن العَمَل، إضافة إلى اغلاقات متكررة لبعض المشاريع الخاسرة، وغيرها من الأمور.
فِي الوضع الطبيعي فإن إغلاق مصنع، أوْ تعثر شَرِكَة، أوْ إفلاس رجل أعمال كَبِير يعد من الأمور الاعتيادية الَّتِي تَتَكَرَر فِي كل دَوْلَة حتى فِي ظل الانتعاش الاقتصادي، لَكِن فِي الأوضاع الصعبة يُصبح الأمر مثارا للمزيد من الشائعات والتخوفات، وإذا كانَ بَعْض العُلَمَاء يَقُولُون أن جزءًا من الـمُشْكِلات الاقتصادية مرده إلى الخوف النفسي من النَّاس عَلَى الأوضاع، فيقوم كل شَخْص بالتوقف عَن الإنفاق خوفًا من القادم، وهَذَا يؤدي إلى ركود الأسواق، ثمَّ انهيار بَعْض الشَّرِكَات، والأعمال، فَمَنْ الواجب وقتها أن نصل إلى مرحلة الطمأنينة، وَالحُكومَة وحدها قادرة عَلَى هَذَا العَمَل فِي الوَقْت الراهن.
نُريد من الحُكومَة ومِن خِلال فريقها الاقتصادي، مدعما بِعَدَدٍ من رجالات الاقتصاد المَعْرُوفِين فِي البلد أن تشرح لَنَا الأمر، وتفسره، وَفِي الوَقْت نَفْسه تجيب عَلَى أسئلة حائرة فِي أذهان كثير من النَّاس: لِمَاذَا ما زالت هُنَاكَ عوائق أمام الاستثمار؟ وَلِمَاذَا تصدر بَعْض القرارات الَّتِي تعطل الأعمال الاقتصادية، وَلِمَاذَا لَمْ تقم الحُكومَة للآن بِمُحَاوَلَة لحلحة قطاع الإسْكان عَلَى سبيل المثال لا الحصر، وَقَدْ صرح لَنَا الـمُهَنِدس زهير العمري فِي لقائنا التِلْفِزْيُوني مَعهُ فِي الشهر الـمَاضِي أن الحُكومَة خسرت مبلغ 600 مِلْيُون دِينَار ضرائب مُبَاشَرَة بِسَبَب هجرة بَعْض الشَّرِكَات الإسكانية إلى خارج الأرْدُنّ، وأن هَذَا مرتبط إلى حد كَبِير بِبَعْضِ التشريعات، وتعطيل أوْ تأخير إصدار بَعْض الرخص الخَّاصَة بالبناء.
فِي الوَقْت الحالي لا بُدَّ من تحركات سريعة، وتأجيل لبعض القرارات الَّتِي لا بُدَّ من الأخذ بِهَا من أجل ضبط السُّوق، والأعمال، لأنه فِي حَالَة الخطر الاقتصادي يَجِبُ التصرف بِطَرِيقَة مُخْتَلِفَة، ومبتكرة، بَعِيدَة عَن العقلية البيروقراطية الَّتِي تزيد الطين بلة.
نُريد الحَقِيقَة لأنها وحدها القادرة عَلَى قتل الإشاعات حَتْى يستريح المواطن الأردني، وَيَشْعر بالأمان، فيبدأ بالانفاق الَّذِي هُو أحد أسس تحريك الاقتصاد.
Mrajaby1971@gmail.com