في الهوية الوطنية ، مقاربة أشكالية ؟
فارس الحباشنة
24-08-2009 01:41 AM
يبرز بين حين و اخر حديث ملتبس المعني عن " الهوية الاردنية " سوئ ما يثار من تخوفات للاردنيين من اصول شرق اردنية على هويتهم والخطر الذي يهددها من قبل الاردنيين من أصول فلسطينية ، أو ما يثار في المقابل من احاديث سياسية واعلامية يؤججها اركان لمشروع سياسي جديد للهوية الاردنية يقدمه سياسيون و اعلاميون من أصول فلسطينية .
فهذا الامر يستدعي منا التوقف عند هذا النوع من الخطاب السياسي الجديد الملبس " بالوطنية " بطريقة علمية و تاريخية و قراءته بمقاربة نقدية تقف "عند المسكوت عنه" بتغيير الهوية و تعريفها و ادوات الوعي الاجتماعي بها .
وبالتوازي مع بروز خطاب جديد للهوية الوطنية الاردنية فان الشق "الاجتماعي" للدولة الاردنية يوزايه بنيويا اضطرابا في تكامل العلاقات مع مؤسسات الحكومة والدولة ، أثر تنامي معطيات أقتصادية أفرزت فجوة واسعة في التنمية بين الهامش الجغرافي " المحافظات والقرى و البادية و الارياف " وهي المشكل الاول للدولة و البنية الاجتماعية و السياسية للمشروع السياسي الاردني منذ بدايات العشرينيات من القرن الماضي .
أختلاف موازين العلاقة بين المركز " العاصمة " و الهوامش الجغرافية ، و بروز ديناميك لوعي اجتماعي وسياسي متغير داخل الاطراف والهوامش يثيرنا فعلا بلغة التمايز للوقوف عند التحول الذي اصاب الهوية الاردنية التي ترتكز نظريا على خلفية
تاريخية تبدأ من عشرينيات القرن الماضي ، و اجتماعية لتجمعات بشرية تعتمد نمطا زراعيا وفلاحيا و بدويا في حياتها الاقتصادية أنقلب ببطء نحو انماط أقتصادية جديدة .
أنقلاب الوعي هنا ليس "عبثيا" أو ناشئ من "عدم" أنما ثمة ما هو تاريخي و مقصود يتحكم بمسارات الاختلاف التي انبثقت عن ابرز المتغيرات الجديدة ، فالهوامش الاردنية التي ارتكزت عليها الدولة في ابرز لحظاتها التاريخية تحديدا تمر الان في ظروف اقتصادية صعية ومتردية اثر ضعف أمكانات التنمية الاقتصادية لدى الحكومة و أرتفاع معدلات الفقر والبطالة .
و الاخطر في هذا السياق أن المؤسسة السياسية باتت تكرر نفسها سوىء على صعيد التمثيل الجهوي في المؤسسة التشريعية بشقيها "النواب والاعيان" أو على صعيد الحكومة ومؤسساتها العليا التي باتت رهينة لعدد محدود من أبناء الذوات الذين
نجحوا في أختراق عالم المال والسياسية في عمان و أسسوا لتوريث غير مكشوف لعهدة السياسية و الادارة العامة
في الحكومة .
في التوصل لكشف "المسكوت عنه" في تطور الهوية الاردنية وبروز متغييرات جديدة ، تثبتها المشاهدة اليومية للاحداث محليا وتصاعدها أذ أن الاحداث المتتوالية عبر الاشهر الماضية تكشف بصمت عن انماط جديدة من العلاقات بين مؤسسات الحكومة والمواطنين وبالاخص سكان الهوامش الذين تعالت اصواتهم احتجاجا على انقطاع المياه والكهرباء عن قراهم أو الخدمات
الصحية أو الاجتماعية .
و اذا ما قرأنا تاريخ الدولة الاردنية اجتماعيا و سياسيا و هذا للاسف غير متوفر الا لباحثين أجانب وبالاخص أنجليز نلاحظ غياب هذا النوع من السلوك الاجتماعي الاحتجاجي في الاطراف الاردنية ، و نجد في تتبعنا لتاريخ تطور الدولة مظاهر أحتجاجية جماعية وقعت في محافظات الجنوب غير أن انها كانت مرهونة بظروف سياسية و اقتصادية مغايرة و أنتهت بحسم لصالح خيار التغيير الديمقراطي الشعبي .
ومن هنا فان أنتاج خطاب جديد للهوية الاردنية على شاكلة اجتماعية و ديمغراغية وسياسية جديدة يتجانس لحد ما مع المتغييرات التي اصابت الاطراف الاجتماعية يجعلنا امام مشروع سياسي ذو صيغ ومفاهيم جديدة لا يمكن الخوض به هنا لان التفاصيل لا تسمح لقراءاته بكل الاحتمالات المتاحة .
فأنفراط أو فك علاقة المركز مع الاطراف الذي يتناسل تاثيره على التوجهات السياسية للنخب الحضرية و البدوية على كافة ميولها اذ أن التطلعات الاجتماعية والسياسية للنخب الاردنية من اصول "شرقية " باتت مهددة لحد الاقصاء و اصبحوا عرضة للتهميش أو التكفير السياسي والوطني .