facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




سياسة العمل في الاردن


د. عادل يعقوب الشمايله
26-02-2019 09:27 AM

يُفترضُ أن تكونَ مُهمةُ الحكومة، في أي دولةٍ، هو خِدمةُ دولتها. فالحكومةُ، شخصٌ معنويٌ أوجدهُ الشعبُ لخدمته، لا للسيطرة عليه، لا أن يسود عليه، لا أن يعقد صفقات خاسرة، أوأن يُمالئ مَصالحَ آخرين أنَّا كانوا، وبما يُلحقُ الضررَ به. إذا طبقنا هذه القاعدة الذهبية على قرارات وزارة العمل الاردنية خلال اكثر من ربع قرن ، نجدُ أنها خالفت كُلَّ رُكنٍ من أركان هذه القاعدة الذهبية.
وللتدليلِ على هذا الزعم، فإنَّ علينا ان نُحللَ آثار قبول وزارة العمل لاحتكار العمالة المصرية سوق العمل، بل ومُشاركتها في صُنعِ حالة الاحتكار بشَرعَنتها بالانظمة والتعليمات. لا تستطيع الوزارة إنكارَ حالة الاحتكار، لأن الكثيرين من اصحاب العمل الاردنيين في مختلف القطاعات، قد حاولوا مرارا وتكرارا إستقدام عمالة من دول جنوب شرق آسيا، ولكن الجوابَ دائما كان الرفض. قِلةٌ نجحوا، فتمَّ إستثنائُهم من الرفض لاسباب مُساوية لكافة حالات الاستثنائات والتجاوزات التي أصبحت سِمة الإدارة الاردنية. أو لأن في أدراجِ مسؤولي وزارة العمل، نوعين من التعليمات، واحدةٌ لمعظم الشعب، وواحدةٌ للخاصة نفوذا أو فسادا. كما لا تستطيعُ الوزارةُ، الاحتجاجَ بتواجدِ العمالة السورية لنفي حالة الاحتكار المصرية لسوق العمل. ذلك أن العمالةَ السورية طارئةٌ، وهي نِتاجُ هِجرةٍ قسرية، تم قبولها بدوافع سياسية دولية، والى حد ما، دوافع إنسانية .
إنَّ نظرة فاحصةً للتحديات التي يواجهها الانتاج الاردني، الزراعي والصناعي والخدمي، لا بد وأن تتوصل الى ما يلي:
-أن أسعار الكهرباء والمشتقات النفطية، أعلى بكثير مما هي عليه في الدول المجاورة لاسباب كثيرة.
-أنَّ أسعارَ المياه في الاردن أعلى أيضا مما هي عليه في الدول المجاورة بما فيها الصحراوية التي تُحلي مياه البحر. فمياهنا الطبيعيةُ وعمودها الفقريُ نهرُ اليرموك اختفت. وتحليةُ مياهِ العقبة لأغراضِ الاستهلاك المنزلي والصناعي والزراعي، وإنقاذِ بحرنا الوحيد، وسفينةَ نجاتنا الاقتصادية وهو البحر الميت تمنعها اسرائيل.
- أنَّ اسعار الاراضي التجارية والصناعية والشاطئية في الاردن اعلى منها في الدول المجاوره.
- أنَّ السوقَ الاردنيةَ هي الاصغرُ في الاقليم، بسبب قلة عدد السكان، وتآكلِ القوة الشرائية. صِغَرُ حجم السوق الاردنية، وتدني القوة الشرائية للسكان، يجعلُ التصديرَ، ضرورةَ وجودٍ بالنسبة للنشاطات الاقتصادية الاردنية.
- وفوقَ كُلِ ما سبق بيانه، أنَّ أُجور اليد العاملة المستوردةِ في الاردن، تتجاوزُ بعدة اضعاف أُجورَ اليدِ العاملة في الدول المجاورة جميعها، وخاصة في الدول التي تسىتورد اليد العاملة.
في ضوء ما تقدم، كيفَ يُمكن للقطاعات الانتاجية والخدمية، أن تُنافسَ مثيلاتها في الاقليم. ولأن المجالَ لا يتسعُ لتناول المحاور السابقة كلها، لذلك، سأركزُ على المُشكلةِ الاهم وهي العمالة.
كانت احداثُ عام 1970 نُقطةَ تحولٍ في بوصلة العمالة الاردنية لسببين. ألاول، فتحُ ابواب الجيش والاجهزة الامنية لاغراض أمنيةٍ داخلية وخارجية، لتجنيد الالاف من الشباب. ونظراً للامتيازات التي يحصل عليها من يعمل في الاجهزة الحكومية، وأهمها الاستقرار النسبي للدخل، والامنُ الوظيفي والتأمين الصحي، أصبح العمل في الزراعة، وكانت هي القطاع الانتاجي الرئيسي، كابوساً. السبب الثاني، هو إقرارُ وتنفيذُ خطة التنمية الثلاثية. عَززَ السببين المحليين، سببٌ آخرهو الطفرةُ النفطية، التي أدت الى قفزة إنشائية وصناعية وتعليمية في دول الخليج. وبسبب فقر تلك الدول بالكوادر الكافية، تم استقطابُ الكفاءات الاردنية، مما أحدث نقصا حدا على حساب حاجات الانتاج والخدمات في الاردن.
وللتعويض عن نقص العمالة، فتحت وزارة العمل الاردنية الابواب أمام العمالة اللبنانية، التي سرعان ما هاجرت، بسبب التخلف الاداري والخدماتي في الاردن، فورثتها العمالة المصرية. مُنذُ ذلك التاريخ، إستطاعت العمالة المصريةُ أن تَستأثرَ بسوق العمل الاردني، إلى أن احتكرته. وقد ساعدت قرارات وزارة العمل، وخاصة تصاريح العمل على تمكين حالة الاحتكار تلك. ففي الوقت الذي فَتحت فيهِ الدول الخليجية أبوابها امام العمالة الاسيوية التي تتمتعُ بالكفاءة والمطواعية والجَلَدِ على العمل لساعات طويلة، مُقابل أجور شهرية تقل عن 80 دولارا، تُركَ العمالُ المصريون يفرضون شروطهم من حيث ساعات العمل اليومي وطبيعة العمل والاجور. حتى رسوم تصاريح العمل، تمكنوا من تحميلها لصاحب العمل الاردني. والامرُ ذاته بالنسبة لأي إرتفاع في الاسعار. دارسوا علم الاقتصاد يُدركون تفسير هذه الظاهرة. فأجرُ العامل وشروطُ عمله تتأثرُ بمدى مرونة كل من العرض والطلب في سوق العمل. ونظراً لكونِ الطلبَ على العمل في الاردن غيرَ مرن، بينما عرضُ العمل مرنٌ جدا، لأن العامل المصري يرفضُ أن يعملَ إلا بشروطه، ولو تعطل أياما، لأنه يعرفُ أن صاحبَ العمل سيضطرُ للرضوخ حتى لا يُعطل عمله ومصلحته ومزرعته.
ما يجري في سوق العمل الاردني مُنذُ ربع قرن، هو أفضلُ مثالٍ على تعطيل آلية السوق، بسبب تغييب المُنافسة عن سوق مثاليةٍ للمنافسة. نتائجُ الاحتكار كما تصفها كتب الاقتصاد موجودة في سوق العمل الاردني: التحكمُ بالاسعار أو الاجور، وتقديمُ خدمةٍ رديئةٍ رغم إرتفاع السعر او الاجر، لأنه ليس أمام المستهلك الا الاذعان. لقد تمكنت العمالة المصرية من تطوير اليات التنسيق الذاتي، وربما هناك جِهةٌ تقومُ بمُهمة التنسيق والمراقبة، بحيثُ لا تجدُ من يجرؤ على العمل بأجر اقل او ساعات عمل اطول، أو باخلاص واتقان مقبول. اما المُنتجون الاردنيون فانهم متفرقون ولا توجد الية للتنسيق بينهم، وبالتالي لا صوت لهم. الشروط القسرية للعمالة المصرية، إنتقلت للعمالة السورية، لإن ليس في مصلحتها المُضاربة. وبذلك فات على اصحاب العمل الاردنيين فُرصةُ عودة التنافسية لسوق العمل.
لسبب ما، تُصرُ وزارة العمل على إغلاق ابواب المنافسة الاسيوية التي ستؤدي الى خفض الاجور وتحسين نوعية العمل المُقدمة. لا ندري هل يعود ذلك الى لُعبة المتاجرة بالرخص وما رافقها من فساد طويل عريض، رأسي وافقي. أم أنه صفقةٌ سياسية بين الحكومة المصرية والحكومة الاردنية مُقابل الغاز المصري الذي كان يُقدم باسعار تفضيلية. أو أنها حالةٌ من حالات الاذعان والتبعية الخَلْقيةِ في الادارة الاردنية، أو أن هناك أوامرَ خارجية للاردن لحلِ مُشكلة البطالة في مصر.
إنَّ ما تُحولهُ العمالةُ المصرية الى بلدها يصلُ الى نصف ما تُحولهُ العمالةُ الاردنية الماهرة الاردنية. أجر العامل المصري غيرِ الماهر في الزراعة او الانشاءات لا يقلُ عن 25 عشرين دينارا يوميا، أي 650 دينارا في الشهر. وهذا يتجاوز راتب موظف جامعي بخبرة 15 عاما أو راتبَ نقيبٍ في الجيش. ما يجنيه العامل المصري غير الماهر يصل الى 16000 جنيه شهريا. أي أنَّ أُجرة العامل المصري في يوم فقط، تتجاوزُ الراتب الشهري لمعلم مدرسة في مصر. هذا عدا عن أن العامل المصري لا يُنفق شيئا سوى ثمن السجائر والمكالمات الهاتفية. إذ أنهُ يشترطُ وجبات طعام مجانية اثناء ساعات عمله ونقله من والى الموقف أو السكن. ومعظمهم يسكنُ مجانا او في عشوائيات، مما يحرمُ مُلاك العقارات من الاستفادة المتوقعة. لو ان سوق العمل مفتوحٌ للمنافسة، فان العامل المصري سيقبلُ العملَ بثلاثة دنانير في اليوم أُسوة بالعمالة الاسيوية. ثلاثةُ دنانير تُعادل 75 جنيها باليوم، أو 2000 جنيه بالشهر. من يحصل في مصر على هذا الراتب؟ ما هذا الجنون؟ أيُّ سياسةٍ هذه؟ كان ولا زال بامكان وزارة العمل أن تُحددَ سقفا لاجور العمالة الوافدة لا يتجاوز خمسة دنانير، فمن أحب البقاء فأهلا وسهلا. مصلحة الاردن فوق كل إعتبار.
إن أول مردود لتخفيض أجور العمالة المصرية والسورية، هو تخفيضُ كُلفِ إنتاج السلع والخدمات بشكل جوهري مما يُخفض الاسعار على المواطنين، ويزيد من تنافسية الانتاج الاردني في الخارج والسياحة الى الاردن. كما سيوفر قُرابة مليار دولارٍ سنويا تحول حاليا لمصر، مما سيحسن ميزان المدفوعات الذي يعاني من قلة الموارد من العملات الصعبة. إنَّ التذرعَ بأن سبب إعتماد العمالة المصرية لأنهم أولى، وضبطِ عدد العمال بإقلَ من الحاجة الفعلية، لإتاحة المجال للعمالة الاردنية هو مجرد وهمٍ بُنيت عليهِ سياسة ثَبَتَ فشلها. أليس هناك عقلاءٌ يفكرون ويُراجعونَ آثار قراراتهم وتفكيرهم القاصر أوالعقيم؟ في كافة بلدان العالم تُوجدُ عمالةٌ وافدةٌ تُمارس أعمالا لا يُمارسها المواطنون. الاردنيون ليسوا استثناءا. طالما أن الاردنيين يتوجهون للتعليم، ولا يترددون عن البحث عن فرص عمل داخل الاردن وخارجه، واثبتوا نجاحهم الباهر، ويحولون الى بلادهم مليارات الدولارات سنويا، فيكفينا جَلداً للذات واتهام الاردنيين بأنهم لا يريدون أن يعملوا. لقد كَتبتُ مقالين في منتصف التسعينات، أديا حسب ما قالته لي وزيرة الصناعة والتجارة انذاك، الى اقتناع الحكومة بضرورة كسر احتكار سوق التأمين. فهل يُمكن أن تتكرر العقلانيةُ لدى الحكومة فَتكسرَ احتكارالعمالة المصرية لسوق العمل الاردني، أو على الاقل تحديد سقف الاجور.





  • 1 الدكتور موفق الشرعه 06-03-2019 | 05:32 PM

    دكتور ما رايك بتأسيس حزب لحماية البيئة

    الحزب الاخضر

  • 2 مصري 11-03-2019 | 11:08 PM

    شكلك يادكتور لم تذوق مرارة الغربه ولذلك قاسي علي المصري ولكن الأصل انه لم تبني لبنه بالأردن الاوبها قطرة عرق من مصري أين رد الجميل .......

  • 3 مصري 11-03-2019 | 11:08 PM

    شكلك يادكتور لم تذوق مرارة الغربه ولذلك قاسي علي المصري ولكن الأصل انه لم تبني لبنه بالأردن الاوبها قطرة عرق من مصري أين رد الجميل .......


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :