الحكومة وإنصاف الفقراء في رمضان
د.مهند مبيضين
23-08-2009 04:33 AM
أنهى رئيس الحكومة وبعض الوزراء إجازاتهم وعادوا للبلد، ليجدوا أن الملك يوجه مؤسسة الوطن الكبيرة الجيش العربي بضرورة دعم أسعار السلع الأساسية للتخفيف عن كاهل المواطن، والتوجيه الملكي للجيش لينهض بالدفاع عن المواطن ضد المستغلين.
المدافعون عن الحكومة يجب أن يوجهوها إلى الإجابة عن سؤال البقاء كي لا تُعيّد قبل العيد، بيد أن الجواب صعب، فقضية أجنة العجول التالفة التي أثيرت قبل أسابيع ما تزال ماثلة، وأزمة مياه الطيبة، وإطلاق الالعاب النارية في المطار، والأعلاف الفاسدة التي دخلت البلد، وسواها من قضايا كافية لأن ترسم مشهد النهاية.
بين هذا وذاك، راج الكثير عن الحكومة، مما يحسب عليها، والحق أن بعض الكلام غير دقيق وربما يكون لضرب سمعتها التي خرجت من الدورة الاستثنائية مع النواب وكأنها مصابة بالدوار، ما استدعى استخدام حق الإجازات للراحة.
لكن يبدو أن لا احد ينصح الحكومة بطريق البقاء، أو بالحفاظ على أدنى مستويات الشعبية، فالحل كان في السوق، ولو أرادت الحكومة أن تفعل شيئا لكان أحرى بها أن تؤيد حملة جمعية حماية المستهلك ضد تجار اللحوم، وأن تدعم الحملة ما دامت تنفي صفة الاحتكار عن السوق، وكان يمكن أن تفتح وسائل الإعلام الرسمي للحملة لتظهر الحكومة موقفا ايجابيا.
وبغير ذلك ستكون الحكومة شريكة مع التجار وتنصرهم على الفقراء، أو أنها شريكة مع بعض التجار بطريق أو بآخر، أو أن ثمة تجارا محسوبين عليها.
في أقل من ثلاثة أسابيع يتدخل الملك في شؤون عامة كان على الحكومة أن تحسمها، وللمرة الثانية تكون مؤسسة الجيش هي المعقل الوطني الذي يرى فيه الملك سحر الإنجاز والطهر، ولأن الجيش لا يمكن أن يقدم تاجرا لأنه قريب لمتنفذ فيه، ستظل المؤسسة العسكرية عون الأردنيين على نوائب السوق.
ليس هناك من داع لأن نتوقع أن الحكومة باقية، فقد أخذت كل الفرص، وتوفر لها الإسناد في العام الأول، وبعد ذلك أجرت تعديلا لم يسعفها وكان عبئا عليها في بعض الوزارات، وما بقي هو أن تبحث عن حسنات تسجل لها في هذا الشهر الفضيل قبل العيد، ويمكن ان تذهب برحلة عمرة جماعية للتكفير عن أخطائها.
عين العقل ترى أن الحكومة لا تقوى على فرض أسعار على التجار، ما دامت البلد قررت مبدأ السوق المفتوح، لكن عقل الحكومة كان يجب أن يتذاكى، وقلبها كان يجب أن يخفق وطنية ويفعل كما فعلت حكومة معروف البخيت عندما كانت تحول الساحات قبل أسبوع من رمضان لأسواق شعبية تلافيا لجشع التجار، ما خفف عن المواطنين حتى بيعَ كيلو اللحم يومها بالمفرق بسعر لا يتجاوز الخمسة دنانير.
الحكومة يبدو أنها طبقت مبدأ "ابعد تحلى" سلباً، والمواطن صار يرى اللحم بسعر الذهب، وخروج الحكومة من مأزقها يكون بالنزول للشارع، وبإعادة تجربة الأسواق الشعبية بالتعاون مع البلديات.
فصل القول أننا كنا نأمل، في شهر رمضان المبارك، أن نذكر محاسن الحكومة، لكنها لم تمنح الناس حتى مجرد الأمل، وندعو الله أن تتفادى عثراتها، وتشدد قبضتها على التجار الجشعين، وترحم الفقراء، وتوسع من مظلة الدعم لهم حتى يتحملوا فقرهم بكبرياء، وكيلا ينكسروا أمام مائدة الإفطار، ويخذلهم ضيق ذات اليد الذي يزداد ضيقا.
الغد.