الوزير «العبقري» والشعب «الجاهل»،،
ماهر ابو طير
23-08-2009 04:26 AM
أعان الله وزير التربية والتعليم على الصيام هذه الايام ، فصوره الموزعة على المواقع الالكترونية وهو يدخن السيجار الكوبي ، تظهر رجلا برجوازيا ، لا يعلم عن الفقراء شيئا في هذا البلد ، ربما ما ينفقه "الفقير" في شهر ، ينفقه "الوزير" على سيجار ما بعد الافطار.
مصيبتنا في هذا البلد ، هي في تسلل نوعيات الى العمل العام تعتبره تطوعا كريما منهم ، بل يعتبرون انهم يخسرون الكثير ، لكونهم اصبحوا وزراء ، وبهذه الذهنية من "التأفف" يدخلون الى الوزارات ، وحين يعود رئيس الحكومة من اجازته السعيدة الى مكتبه ، فانه مدعو اليوم ، الى مراجعة ملفات عامة عليها اجماع شعبي ، ولو من باب مداراة هذا الشعب الكريم ، ومن هذه الملفات اصرار الوزير العجائبي والاستعراضي ، على عدم تأجيل دوام طلبة المدارس الى ما بعد عيد الفطر ، ويتذرع الوزير بذرائع مختلفة ، منها ما يتعلق بالوقت ، برغم ان الحل سهل جدا ، ويقوم بدوام الطلبة ايام السبت بعد العيد ، واقتطاع جزء من اجازة الشتاء ، فيتم حل المشكلة بدلا من ارسال الطلبة مثل "الصيصان"الى المدارس في الحر الشديد.
وزيرنا صاحب السيجار الكوبي يعيش بعقلية تعتقد انها تقدر مصلحة الطلبة اكثر من الدول العربية الاخرى التي عطلت طلبتها الى ما بعد عيد الفطر ، وواقع الحال يشي بأن الوزير مصاب بعقدة اننا الافضل بكل شيء ، وهي عقدة تكرست في عقولنا خلال الثمانينات ، ولم يعد لها اساس ، فدول الخليج متطورة جدا ، على كل الاصعدة ، ولا يكفي العزاء لانفسنا بأننا أحسن من غيرنا ، لنبرر سلق طلبة الاردن الفقراء الصائمين في الاغوار والبوادي والمخيمات ومدن الجنوب وبقية المناطق الفقيرة ، بارسالهم الى المدارس في هذه الاجواء الصعبة ، حيث لا تركيز ، وليقل لنا الوزير عندها انه يريد طلبة مجاهدين ، كأجدادهم قبل الف عام ، جاهدوا تحت الشمس ، ولنقل له عندها ، ان عليه ان يعلن "الجهاد الاكبر" ، وبعدها لكل حادث حديث.
رئيس الحكومة يقول انه يقف مسافة واحدة من وزرائه ، وانه لا يجامل احدا ، والوزراء يتفلتون اليوم ، كل واحد يفعل بوزارته ما يشاء ، كأنها محظيته الخاصة ، والادلة على ذلك كثيرة ، ونحن نسأل الرئيس شخصيا ، عن قدرة أي عائلة اردنية دخلها يصل الى مائتي دينار ، بكيف ستوفق بين مصاريف رمضان والمدارس والعيد في توقيت واحد ، ومن اين ستأتي العائلات بكل هذه الالتزامات ومصاريف المدارس والطلبة ، في غمرة هذا المستنقع. هل هذه سياسة حكيمة ام فيها استهزاء بهذا الشعب ، هل هذه سياسة تنم عن حرص على التعليمات. واين الحرص على بقية القضايا الكبيرة والصغيرة. ومن يمتلك القرار في هذا البلد؟ هل الاف العائلات بحاجة الى ان تسترحم عند باب الديوان الملكي ، من اجل فك تعقيدات التواقيت ، حتى يحن عليها وزير التربية والتعليم ، ام يصير مطلوبا ان نتبرع بثمن سيجار الوزير ايضا.
اقتصاديا.. لا تكفي رواتب آب لرمضان والعيد ، واذا تأجل دوام المدارس الى نهاية ايلول ، فقد يسعف الطلبة راتب ايلول ، اما اغراق عائلات الاردن بثلاث مناسبات رمضان والمدارس والعيد ، على اساس توفر راتب آب وحيدا ، فهي مشكلة اضافية تضاف الى بقية المشاكل ، ومن شعبنا الى من يهمه الامر في هذه الدولة ، على اعلى مستوى ، من اجل حل هذه الاشكالية ، خصوصا ، ان الملك اعفى الطلبة العام الماضي من رسوم المدارس ، ونحن نأمل اليوم اعفاء الجميع وتأجيل الدوام الى ما بعد رمضان.
الوزير الذي يدخن السيجار ، ولا يتوقف عند رغبة الناس باعتبارهم "جهلة" لم يصلوا الى مستواه ، حاشاهم طبعا ان يكونوا كذلك ، فأمره الى الله ثم عبدالله.
mtair@addustour.com.jo
الدستور.