الجموع من شباب المحافظات يتجهون لعمان، مركز صنع القرار والتوظيف، حتى لو كان خارج نطاق الخدمة المدنية وبعيدا عن العدالة والشفافية، وطبعا لا مجال لذكر الحاكمية الرشيدة، لأننا امام حالة تريد فيها الدولة وليس الحكومة فقط، امتصاص غضب القادمين من اقصى الجنوب والشمال بحثا عن حقهم في لقمة العيش،بعد ان ضاقت بهم السبل، وانعدم امامهم أي أمل بعمل يحفظ كرامتهم،وخاصة مع تنامي الفقر والبطالة بين الاسر،فلم يعد الأب قادرا عن تدبير مصاريف اسرته اليومية من احتياجات تسد الرمق، فكيف به يمد يد العون لابنه الشاب، الذي يريد بضعة دنانير تغنيه عن السؤال.
الفقر والبطالة الناقوس الأخطر الذي يهدد الأمن الاجتماعي على الأقل لغاية الآن، وهذا الحديث كان قبل ما يزيد عن ثلاثين عاما، عندما أصبحنا نواجه العمالة الوافدة،والعائدة من الخليج،وتراجع الوظائف المصدرة، وزيادة في اعداد الخريجين لا تتلاءم مع فرص العمل، وتراجع المشاريع التنموية والمشغلة للايدي العاملة، سواء في عمان أو المحافظات.
والخطوة الحاسمة تأتي دائما من المخططين،الذين اشبعونا كلاما وأرقاما في كل المجالات، رغم أنهم يعرفون ان الواقع لا يسر صديقا ولا عدوا، وان التلاعب بالارقام سرعان ما يتكشف للصغير قبل الكبير، وللجاهل قبل العارف.
الشباب لم يعد متشبثا بالمكتب، رغم انه يرى انعدام العدالة والشفافية في التعيينات، واصناف الوظائف والرواتب، فهناك من يوظف براتب يناهز الالاف، وأفضل منه ينتظر دوره في ديوان الخدمة المدنية الذي لا يتحرك الا بشق الانفس،
عدا عن الوظائف التي تُسكن بالتمرير والتحايل، وهذا ما يفاقم الحالة النفسية لمئات الآلاف من الباحثين عن عمل، وحتى الهجرة التي يمنون النفس بها أصبحت صعبة المنال.
ثقافة العيب لم تعد عائقا امام العمل، فهناك جامعيون–ذكورا واناثا–في محطات الوقود والمدن الصناعية والمزارع، ومنهم عمال وطن، ولكن هي حجة للتسويق بان الاردني لا يريد الا مكتبا، والمكتب لاصحاب النفوذ، وخاصة في مجلس الامة، ووزارات معينة، والحقيقة التي يتهرب المعنيون منها، اننا غير قادرين على ايجاد حل فعلي للبطالة، بل على العكس نعمل على زيادتها من خلال تشريعات تحابي العمالة الوافدة، فلدينا 500 الف عامل فقط بلا تصاريح وعليهم غرامات بالملايين، ومثلهم يعملون بتصاريح،عدا عن أكثر من 100 الف لاجئ في سوق العمل الاردني،وليس لدينا الجدية في الحد من هذه العمالة، بل أفسحنا المجال لعمالة اللاجئين بغض النظر عن جنسيتهم بطلب من المنظمات والدول الداعمة، مراعين ظروفهم الانسانية والنفسية، متناسين ان حالة الاردني اصبحت اصعب وأشد الما.
الحلول ممكنة اذا خلصت النوايا، والا ستصبح عمان محجا لكل طالب عمل، والاطراف تعاني وشبابها ليس لديهم أي بارقة أمل، فعشرات الآلاف من فرص العمل التي وعدتنا بها «العقبة الخاصة » والمناطق المؤهلة والصناعية في المحافظات عجزت عن تأمين المئات منها لابناء تلك المناطق على الأقل.
ziadrab@yahoo.com
الرأي