ليس المهم الجهة الرسمية التي توفر فرص عمل للأردنيين المتعطلين عن العمل والتعاطي مع مسيرات الزحف من المحافظات الى العاصمة عمان ولكن الاهم ان يجد أبناء الوطن آذانا صاغية لسماع شكواهم ومعاناتهم التي تزداد يوما تلو الاخر بسب ضنك العيش وعدم المقدرة على تأمين فرصة عمل في القطاعين العام والخاص.
كان من الافضل لوزير العمل سمير مراد اتخاذ خطوات عملية للتعامل مع مسيرات زحف العاطلين عن العمل تجاه الديوان الملكي والتي اعتقد انها ستزداد خلال الفترة المقبلة وربما تصبح ظاهرة على الساحة الاردنية بعد التجاوب مع مطالب مسيرة العقبة.
توفير فرص عمل وحل مشكلة البطالة التي بلغت وفقا لاخر دارسات احصائية 18.6 % من صلب عمل الحكومة وجميع البرامج والمبادرات التنموية هدفها محاربة الفقر والبطالة من خلال تشغيل الاردنيين في مختلف المجالات.
من المستغرب ان يصدر عن الوزير قوله «: ان فرص العمل التي تحدث عنها رئيس الديوان الملكي الهاشمي ستكون بالتنسيق مع الحكومة». وكأننا في مرحلة تسابق على ذات الهدف وتنازع على المهام والصلاحيات.
يسجل لرئيس الديوان الملكي يوسف العيسوي تعامله الحضاري والمسؤول مع مسيرة العقبة التي حطت رحالها أمام الديوان الخميس الماضي وعاد المشاركون الى مسقط رأسهم مسروري الخاطر ليس فقط بحصولهم على وعد بحل مشكلتهم وتشغيلهم سواء في الاجهزة الامنية او الشركات في العقبة وانما بطريقة استقبالهم والاستماع الى مطالبهم بدرجة عالية من الاهتمام وتفهم اقدامهم على تلك الخطوة، الاردنيون بحاجة الى من يحترم عقولهم ومطالبهم.
لا ننكر الجهد المبذول حكوميا لتشغيل الاردنيين ضمن مشروع النهضة الذي أطلقته الحكومة لكنه غير كاف لتوفير فرص العمل وخاصة مع تراجع قدرة القطاع العام على التوظيف وتباطؤ معدلات النمو.
«مسيرات الزحف» لا بد من دراستها على الوجه الاكمل كونها أشارت مجددا الى حجم مشكلة البطالة في المملكة والتي ليست ببعيد ان تكون لها انعكاسات وتبعات مباشرة على السلم والامن المجتمعي كما كشفت عن اختلالات واضحة في سوق العمل ومسؤوليات تتقاسمها كل من الحكومة والقطاع الخاص والباحثين عن العمل.
الحكومة من جانبها مطالبة بالاسراع في برامج تأهيل الشباب وضرورة مواءمة التخصصات الجامعية بحسب احتياجات سوق العمل والاستفادة من التجارب الناجحة التي اقدمت عليها بعض الجامعات باستحداث تخصصات قطاعية ومتخصصة في مجال الاعمال الهندسية.
بعض المهن تؤطر بشهادات جامعية ومن السهل على الخريجين العمل في القطاع الخاص وفتح مشاغل ومصالح خاصة بهم ومن ذلك هندسة ميكانيك وكهرباء السيارات والتكييف والتبريد ومن المهم ان يشمل ذلك اعمال البناء والحدادة والنجارة وغيرها.
تحقيق العدالة في التوظيف والقضاء على الواسطات والمحسوبيات امر مهم للغاية لتخفيف حالة الاحتقان وخاصة لدى فئة الشباب فلا يعقل ان متفوقا في دراسته يبقى على مقاعد البطالة لسنوات طويلة واخر بنتائج علمية متدنية يقفز خلال وقت قياسي الى مواقع متقدمة في الدولة الاردنية لانه ابن فلان او محسوب على فلان وعلان.. هذه أوجاع مؤلمة يعيشها ابناء الطبقات المحرومة سياسيا واقتصاديا.
القطاع الخاص مطالب أيضا بتوفير بيئة عمل مناسبة للاردنيين والالتزام بالحد الادنى للأجور وتوفير التأمينات الاجتماعية والصحية والاهتمام بالتدريب والتأهيل.
مطلوب من الشباب الاقبال على الدورات المهنية التي تنظمها مؤسسة التدريب المهني وغيرها واختيار برامج التدريب المناسبة لسوق العمل والتماشي مع التطورات التي شهدتها بعض القطاعات ومن ذلك الحاجة الى فنيين مؤهلين في مجالات الطاقة المتجددة وانظمة الخلايا الشمسية وغيرها.