في السعي للاصلاحات التربوية المأمولة
فيصل تايه
23-02-2019 12:15 PM
حين تناط المسؤوليه بالرجال الذين هم اهلا لها نبقى في انتظار القرارات التي تلبي كل الحاجات وتحقق الآمال والطموحات ، والاستعداد الجدي للعمل في كل الظروف والاحوال ، لما لذلك من تأثير ومكانة ، ولا شك أن مسيرة التربية والتعليم الحالية بحاجة إلى إرادة صلبة وعزيمة قوية ، فنحن مقبلون على منحى يحتاج الى استشراف المستقبل ، والدفع باتجاه مسيرة تربويه تحمل الخير والطمأنينة على مستقبل الأجيال ، وتواصلا عملياً مع الجهود البناءة للخيرين من أبناء هذا البلد الاشم ، من أجل حسن العطاء والمثابرة على تحقيق الانجازات ، متطلعين الى مباركة ومساندة ابناء الوطن لما هو آت ، بما يعزز الحس الوطني الصادق ، متمسكين بثوابتنا الوطنية الراسخة.
لن نقبل ان نكيل الاتهامات الى بعضنا البعض ، ولا نلقي اللوم على وزير ذهب او وزير آت ، بل يجب ان نعترف ان اي خلل نحن جميعا السبب به ، ولن تتحمل وزارة التربية والتعليم وحدها ايه اختلالات ، حيث أن انشغالنا بصراعاتنا الكيدية والمعيشية وقضايانا الحياتية اسهمت في أهمالنا لأبنائنا وصولنا الى ما نحن به ، ولعل القضايا المتعلقة بالتربية والتعليم ، اهم الامور التي يجب ان نبحثها بكل همة ومسؤولية ، فقد اصبحنا في وضع لا يُحسد ، فنتجاهل ما يعانيه من متاعب واختلالات وتنفيعات شارك فيه الجميع .
ان مؤسسة التعليم بحاجة ماسة باستمرار للتجديد والتحديث والتزود بكل الوسائل والأنظمة والكفاءات البشرية الميدانية والقيادات الكفؤة التي تساعدها على تحقيق الجودة في الأداء والمخرجات ، عبر تجنيد الإمكانيات للنهوض بالتربية والتعليم ، وإخراج تلك المؤسسة المهمّة من دائرة الصراعات حتى تبقى الأجيال متوهّجة العقل والتفكير والضمير ، سليمة القيم والسلوك والتعايش.
لقد ذهب الكثيرون باتجاه المدرسة لإخراجها من رسالتها ، والابتعاد عن تحسين مدخلات ومخرجات نظام التعليم وعن وتيرة التفاعل الإيجابي مع دعوات الإصلاح المنهجي والمؤسسي للتربية والتعليم من خلال القرارات الميدانية الارتجالية العشوائية مما زاد خراباً وتدميرا وتضييعاً لها بشكل ظاهر وملموس ، حتى أصبحت بعض مدارسنا تعاني أمراضاً مزمنة وعلّهاً تحتاج منّا إلى إعادة النظر في كل ما تسبّبنا فيه من عبث لا يقبله احد .
إننا بحاجة أن نباشر الإصلاح الحقيقي في نظام التربية والتعليم نفسه ، ونسعى إلى رفع مستوى التحصيل العلمي والمعرفي من خلال ميثاق شرف يلتزم به الجميع ، أول بنوده هو إبعاد نظام التربية والتعليم عن المصالح والمحسوبيات كما ويجب ان نبتعد عن تمجيد الاشخاص ونفخهم وتهيبهم ، وان تعترف إن مؤسسة التربية والتعليم أول المؤسسات السيادية في قائمة الوطن باعتبارها بوابة الأمن والتغيير الاجتماعي، وفي اعتقادي أن من لا يعدّها مؤسسة سيادية مازال يعيش خارج العصر ودون دوافع إنسانية أو حضارية ، كما وعلينا أن نعيد إلى المدرسة روحها واعتبارها ومقوّمات نجاحها ولابد من إعادة التقييم والتأهيل للقيادات التربوية ، فلنكن على قدر المسؤولية في إنقاذ مؤسسة التربية والتعليم وتطوير كوادرها ومناهج وبرامج ووسائل التعليم وإعادته إلى المستوى المطلوب ، تلك هي ثورتنا التربوية الكبرى إن أردنا أن نخطو أول خطوة في بناء الوطن الذي نسعى إليه بصلاح ونهضة وتطوُّر نظام التربية والتعليم وتحريره من القرارات الارتجالية غير المدروسة والهيكلة غير المبررة التي ستوصلنا الى مزيد من التدهور والرجوع الى الخلف ..
اننا بحاجة الى من يتطلعون إلى الارتقاء بالمستوى الإداري والفني لوزارة التربية لتنعكس خبراتهم وجرأة قراراتهم ، في اننا مطالبون اليوم بالتحرر من الأداء التقليدي النمطي ، واننا في حاجة فعلية الى نقلة نوعية في العمل ، تقوم على التحديث والابداع ، وهو أمر يستوجب المبادرة الى مراجعة بعض القوانين والتشريعات والنظم الاجـــرائية وتنقيتها وتطويرها وتفعيلها بما يلــــبي الغايات المــأمولة في القضاء على مظـــاهر الخلل الوظيفي والروتـــين الاداري ، واذا كان معالي الوزير بحكم منصبه يتحمل الجانب الاكبر من مسؤولية العــمل ، فإن هذه المسؤولية يشاركة بها قيادات الصف الاول ، باعتبارهم القياديون الاوائل والقائمون على مجمل المسؤوليات ، الامر الذي يستوجب – وعلى جميع المستويات الادارية – التزاما جادا بالواجبات ومتطلباتها من مختلف القيادات التربوية ، والقضاء على المركزية وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب ، بما يؤدي الى الارتقاء بالعمل وتحــسينه ، وانجاز مصالح قطاعنا التربوي العتيد بكل همة ومسؤولية ، هـــذا وكما اننا مدعوون ايضا الى تطوير آليات العمل الإعلامي على نحو احترافي متمــــرس، وتعزيز دور بواباتنا التربوية الاعلامية كمـــنبر مؤتمن على رسالته الإعلامية التربوية المسؤولة في صيانة المصلحة الوطنية العليا ، وتعظيم الانجازات واطلاع الرأي العام على المنجزات ، فنحن مقبلون مع الوزير الجديد على استشراف مستقبل زاهر بإذن الله ، استرشاداً بتوجيهات سيدنا حضرة صاحب الجلاله .
وأخيراً وان أطلت .. وفي حضرة الوزير الجديد ينبغي أن نتبنى مفهوماً جديداً يتجاوز التراكمَ إلى الفاعلية ، والاستيعابَ إلى الإبداع والإخصاب ، ويسمح بقيام تفاعل وعلاقة جدلية بين المتعلِمين والبيئة المدرسية ، وبالتالي فإن المعرفة المكتسَبة لدى الطلبة يجب أن تستخدم من أجل تحررهم وممارسة إبداعهم ، ولن يتحقق ذلك إلا بقوة نظامنا التعليمي الذي يجب أن يشكل وسيلة ضرورية للتأثير الفعّال تختلفُ عن القمع الذي يحوّلها إلى عنف ، بل ويجب أن يعدّل العلاقات التقليدية الجامدة لتسود علاقاتُ التفاعل الإيجابي بين الطلبة والمعلمين وإداراتهم ، بل يتعدّى ذلك ليعني انخراطَ المدرسة في الهموم الوطنية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمع ككل ، وبذلك يمكن تبنّي نهج إبداعي يعتمد كبؤرة مركزية للتعليم لأنه السبيل الوحيد لتحرير طاقات المتعلم ، وإكساب فئة الطلبة المزيد من الاهتمام فهم البناة الحقيقيون للمستقبل وهم من نعول كج لحمل رسالة الأمة في الوحدة والحرية والحياة الفضلى .
والله ولي التوفيق .