صفعة سياسية ثانية وجهتها أوروبا لفريق الرئيس الأمريكي ترامب، للصهيونيين الثلاثة: كوشنير وجرينبلات وفريدمان، وذلك عبر مبادرة وزير الخارجية الإيرلندي سايمون كوفيني، الذي دعا يوم الثلاثاء 19 شباط 2019، إلى اجتماع أوروبي عربي على مستوى وزراء الخارجية، حضره الأردن وفلسطين ومصر وأمين عام الجامعة العربية، مع عدد من وزراء البلدان الأوروبية، كانت حصيلته بيان وزارة الخارجية الإيرلندية، لخص ما تم الاتفاق عليه وهو مركزية القضية الفلسطينية، ومبدأ حل الدولتين.
دعوة دبلن لاجتماع وزراء الخارجية العرب والأوروبيين، ونتيجته السياسية، يتعارض مع مخططات واشنطن وتل أبيب الهادفة إلى تغييب القضية الفلسطينية وشطب مضمونها السياسي وفق قرارات الأمم المتحدة، ولذلك جاءت الدعوة الإيرلندية في توقيتها ومضمونها ما يتعاكس مع رغبات إدارة ترامب وسياسات المستعمرة الإسرائيلية التي تعمل على تغيير أولويات الوضع السياسي العربي واهتماماته لجعل إيران هي عامل التوتر في المنطقة وليس احتلال المستعمرة الإسرائيلية لأراضي ثلاثة بلدان عربية، وممارستها لكافة أنواع القمع والبطش ضد الشعب الفلسطيني، وتطاولها على السيادتين السورية واللبنانية، والمس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين، وسياساتها هذه هي المولدة لآثار وسبب: 1- التأزيم، 2- الإرهاب، 3- التخلف واستنزاف ثروات العالم العربي على خلفية هذه المفردات ومضامينها ونتائجها.
صفعة أوروبا الأولى لواشنطن كانت في مؤتمر وارسو، حينما لم تتجاوب أغلبية عواصمها لحضور المؤتمر في بولندا يومي 13و14 شباط، فالمشاركة الأوروبية كانت بمستوى متدنٍّ من التمثيل، ورفضت نتائجه، ولهذا تجسد الفشل الأميركي في مظهرين أولهما عدم استجابة البلدان العربية والإسلامية المشاركة مع خطوات واشنطن وتل أبيب في خطتهما المشتركة لشطب حقوق الشعب الفلسطيني، وتغيير مرجعيات هذه الحقوق المتمثلة بقرارات الأمم المتحدة وخاصة القرارين 181 و194، وتغيير صفة العدو الوطني والقومي والأمني والإنساني للعرب وللمسلمين والمسيحيين المتمثل بالمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي الصهيوني اليهودي.
وثانيهما عدم استجابة أوروبا للمطالب الأمريكية الإسرائيلية لإلغاء الاتفاق النووي مع إيران، ورفض أوروبا فرض العقوبات الاقتصادية على إيران.
وإمعاناً في الموقف الأوروبي، دعت إيرلندا للقاء التشاوري في دبلن، وأصدرت بيانها في أعقاب اللقاء العربي الأوروبي، تمهيداً للقمة الأوروبية العربية التي ستعقد في شرم الشيخ يومي 24 و25 شباط 2019، وبهذه التوجهات الأوروبية تكون قد رسمت مضمون الموقف الأوروبي الذي سيعلن في قمة شرم الشيخ الأوروبية العربية المقبل.
قمة شرم الشيخ تكمن أهميته ليس فقط بالموقف والبيان الذي سيصدر عنه، وبالتعاون بين أوروبا والعرب في العديد من القضايا والعناوين التي ستحتل اهتمامات الطرفين، ولكن أهميته تكمن في غياب المستعمرة الإسرائيلية عن مثل هكذا اجتماعات عملت واشطن عبر دعوتها في مؤتمروارسو ، لحضور العدو الإسرائيلي على طاولة المؤتمر بالاشتراك مع أطراف عربية وإسلامية رضخت للضغوط الأمريكية مرغمة، رغم عدم قناعاتها ورفضها للبرنامج الأميركي لفرض التطبيع العربي مع عدوهم القومي: المستعمرة الإسرائيلية.
ثمة عنوان تضليلي يتم تسويقه لحضور عربي أوروبي مع المستعمرة الإسرائيلية، عنوانه «بلدان حوض البحر المتوسط»، وهو عنوان لمظاهر مختلفة يجب عدم التجاوب معها، وإبقاء المبادرة لجعل القمة الأوروبية العربية هي التعاون والعنوان والهدف، وهذا ما سوف يتحقق في قمة شرم الشيخ وأهمية بحث قضايا الاهتمام المشترك والتوصل إلى أدوات ومداخل وقنوات لإرساء هذا التعاون السياسي والاقتصادي والأمني والبرلماني والنقابي وكل ما يوطد العلاقات بين الطرفين والمجموعتين العربية والأوروبية.
الدستور