كل عام وكل أبناء الأردن والأمة بألف خير، فنحن ندخل اليوم شهر رمضان المبارك الذي جعل الله تعالى أجر صيامه مغفرة تامة لكل ما سبق من الذنوب اذا توفرت النية الصالحة والأداء السليم والحقيقي للعبادة كما أرادها الله تعالى لا كما يمارسها بعضنا، فهو شهر للخير ترتفع فيه كل اشكال العمل الصالح وتمتد فيه ايدي الكرام الى كل محتاج لأن الجميع يمدون ايديهم الى الكريم سبحانه الذي يعطي بلا حساب ويضاعف الاجور.
ولعلنا قد شهدنا معارك رمضان مبكرا عندما اصبح الحديث من الجميع عن الأسعار، ويدخل الأردنيون رمضان مع دعوة لمقاطعة اللحوم الحمراء ردا على الغلاء وهي دعوة مهما كانت نسبة نجاحها الا انها في النهاية تطور نوعي في عمل المواطن على حماية نفسه في ظل عجز التشريعات عن اعطاء الحكومة فرصة الدفاع عن الناس.
والشيء الكبير ان المتابع لثنايا المجتمع يدرك كم هي النفوس الخيرة التي تعطي في رمضان بسخاء وصدق وطلبا للأجر من دون ان تبحث عن كاميرا تصورها او خصم للتبرعات من الضريبة وفواتير يتم كتابتها للحصول على الخصم بحيث تبدو الحكومة والخزينة شريكا اساسيا في كثير من التبرعات رغم انها تنسب لشركات وأشخاص.
موسم رمضان هذا العام يأتي في تزامن مع موسم المدارس والجامعات، ولعل هذا يدعونا الى ان نبحث عن آلية للتبرعات باتجاه ما ينفع العائلات مباشرة، فدفع اقساط طالب جامعي او تأمين متطلبات المدارس لأطفال عائلة محتاجة اقرب الى منفعة اسرة فقيرة من وجبات في خيمة رمضانية رغم فضل افطار الصائم، لكننا نتحدث عن الاولويات والاقرب الى بعث البسمة في النفوس، ولعل هذا خارج إطار رمضان ايضا في ان نبحث عن اكثر ما ينفع العائلات الفقيرة وبناء مسار تنموي وخدماتي للصدقات وفعل الخير، لكن رمضان شهر خاص تكثر فيه الخيرات ويتعمد الكثيرون انفاق الزكاة فيه تعظيما للأجر.
وإذا كانت العبادة قرارا للشخص ان يمارسه او لا، ولا يملك احد ان يجبر احدا على اداء عبادة الصوم او غيرها فإن من حق المجتمع ان يتم احترام حرمة الشهر الفضيل، وأن تكون ممارسات من لا يصوم تحمل احتراما لحق المجتمع في ان تكون اجواء رمضان خالية من أي استهتار بمشاعر الصائمين، وهذا لا يأتي من رجل الشرطة في ان يعاقب من يخرج عن حرمة الشهر بل ان يكون أداء أخلاقيا في الشارع وأماكن العمل والمدارس والجامعات وكل مكان، فالصوم عبادة لا يمكن لأحد ان يعلم من يفعلها ممن لا يمارسها لأنها عبادة بين العبد وربه لكن احترام اجواء الشهر يمكن ملاحظتها، وكثير ممن لا يمارسون الصوم حتى لأعذار مشروعة من مرض وغيره يحرصون على احترام حق الصائم، وكثير من الزملاء حتى من إخواننا المسيحيين في اماكن عمل مختلفة يحترمون حرمة الشهر، ومن كرم الخلق يمارسون صوما عمليا الى حين عودتهم الى بيوتهم، لكن البعض ممن عليهم فريضة الصوم لا يكتفون بالإفطار بل يعتدون على حق المجتمع عبر المجاهرة بالإفطار، ولهذا فواجب المجتمع ان يحافظ على حرمة الشهر.
وفي رمضان ايضا موعد للمواطن مع أزمات سير وازدحام على وسائط النقل وربما من حق المواطن على الجهات المعنية في وزارة النقل والهيئة وأمانة عمان ان تكون قد وضعت خططا واضحة تجنب الصائمين والمواطنين عذابا متكررا في كل عام، وأن يجد المواطن وسيلة تنقله الى بيته وعمله من دون مشقة، فنهار رمضان طويل وحار وأقل واجب الجهات المعنية أن تحاول مساعدة الناس، ولعل ما يساعد هذا العام ان الجامعات في عطلة وهذا يخفف الأزمة ويساعد الجهات المعنية على ايجاد الحلول مبكرا.
كل عام وأنتم بخير فأحاديث رمضان لا تنتهي لكن فضله وكرم الخالق اكبر بكثير من حكاياتنا مع الشهر الفضيل.