تجاوزت دول العالم سياسة الجُملة، لتصبح مُجبرة على أن تخطو في سياسة مفرّقة إزاء الحدث الواحد والطرف المقابل، فتسارع الأحداث وتشعّبها لم يعد التعامل معه بالشكلِ ذاته في جميع الملفات، فقد تكون الحرب دائرة وعلى صعيدٍ آخر تستمر التجارة .
والمتابع للسياسة الخارجية الأردنيّة وتعاملها مع الأحداث في الاقليم، يجدها تتحرّك وفقاً لسياسة القطعة، رغم بعض الضغوط، سواء في التعامل مع الأحداث في سوريا واطرافها العديدة، والعراق وتعدّد اللاعبين فيه وتركيا وأيضاً التنظيمات الارهابية التي كانت لسنوات قبالة حدودنا الشرقية والشماليّة والحرب على اليمن والكيان المحتل، والخلاف الخليجيّ، وكلها قضايا متشعبة لا بُد فيها من سياسة القطعة إلا الشأن الفلسطيني وقضية القدس التي لم يتغيّر الموقف السياسي الأردني منها وهو الواضح والصريح وآخر صوت عربيّ ينادي بها في كل المحافل الدوليّة.
وهذا الخط السياسي الذي يسير في خُطى ثابتة يسميه البعض بالحياد، لكنه ليس كذلك، والبعض أراد مواقفاً تناسب توجهاته في ظل حروب ومخططات ومؤامرات تكسير دول المنطقة، وما بمثل هذه الحالة أي مجال للمغامرة، بل التذبذب، وفتح القنوات حيناً واغلاقها حينا آخر؛ إتقاءً لشرِ طرفٍ ثالث، وبالتالي استطاع الأردن أن ينأى بنفسه عن حافة الهاوية ومناكفة اطراف دوليّة لاعبة بالمنطقة أواقليمية أو شقيقة .
ما سبق لم يفهمه الإعلام الأردنيّ، فهو يتناول الشأن الخارجي وفقاً لمسار قديم، ولم يُساند الدولة في سياستها الخارجيّة، ولم يكن له أثراً فيها، ويقتصر على الشؤون المحلية لضعف تأثيره خارجياً، لذا نجد شعوباً بجوارنا تتخذ مواقف حادة وسلبية مبنيّة على معلومات غير صائبة ، والسبب، غياب حقيقة الموقف السياسيّ الأردنيّ إعلامياً، وبالتالي تلاشي الدعم الإعلامي للموقف السياسي في ظل إصرار وسائل الإعلام الأردنيّة على تتناول العلاقة مع دول أخرى في سياقها التاريخي وليس اللّحظي .