أين دور المجلس الأعلى لشؤون المعاقين ؟
م. وائل سامي السماعين
20-02-2019 02:13 PM
روت سيدة أردنية قصة ابنها التي رفضته جميع مدارس وزارة التربية والتعليم والخاصة أيضا والتي يتجاوز عددها السبعة آلاف مدرسة، حيث شكت في رسالة مسجلة عبر شبكة التواصل الاجتماعي وصلت مئات الآلاف من الأردنيين، من الظلم الذي وقع عليها وعلى طفلها من ذوي الإعاقة الحركية، حيث رفضت قبول تسجيله مدارس وزارة التربية والتعليم والمدارس الخاصة بحجة أنها غير مجهزة لاستقبال طالب بدون أطراف سفلية، والدة الطفل لؤي لخصت مشكلة ابنها بحرقة في القلب، وتعجبت من أن مدارس المملكة التي تقدر بالآلاف ضاقت على ابنها ذو السبع سنوات. ومن حرقة قلبها على فلذة كبدها واللامبالاة من الجهات الحكومية أو المؤسسات التي تستقبل المنح السنوية بملايين الدنانير من أجل دعم هؤلاء المحتاجين كما ذكرت، شككت السيدة الفاضلة بدور المجلس الأعلى لشؤون المعاقين الذي يرأسه الأمير مرعد بن رعد، حتى إنها أصبحت تشعر أن الخدمات التي يقدمها المجلس الأعلى للناس وكأنها " اجميلة" بالرغم من أن هذه الخدمات تعتبر حقا مكتسبا، لأن المواطن الأردني يدفع ما عليه من مختلف الضرائب كما قالت، ثم تساءلت أيضا عن الدور الغائب لرئيس المجلس في هذا المجال؟ لا أحد ينكر دور المجلس الأعلى في رعاية الأشخاص من ذوي الإعاقة منذ تأسيسه وحتى الآن، ولكن من غير المقبول، بعد مضي 13 عاما على تأسيسه، أننا ما زلنا نرى ونسمع قصصا مثل تلك التي روتها والدة لؤي الرحاحلة، عن المعاناة والصعوبات التي واجهتها أثناء محاولاتها المتكررة عند تسجيل ابنها في أي من المدارس الحكومية أو حتى الخاصة، والتي كانت تواجه بالرفض والأبشع من ذلك هو اللامبالاة من الجميع.
بعد أن وصلته رسالة النشمية الأردنية عن طريق شبكة التواصل الاجتماعي، روى لي صديق سوري هاجر إلى الولايات المتحدة مؤخرا، قصة ابنه الذي كان بلا أطراف سفلية مثل الطفل الأردني، وكما قال كان هو شخصيا يعاني مثل تلك السيدة الأردنية في بلاد العرب أوطاني، ولكن بعد أن هاجر إلى الولايات المتحدة الأميريكية، قام بتقديم طلب إلى المدرسة لتسجيل أبنائه ومن ضمنهم الابن المعاق حركيا، وكان كل ما هو مطلوب منه أثناء تسجيل ابنه في المدرسة أن يشير في خانة مخصصة لذلك إذا كان الطالب بحاجة إلى مساعدة أم لا. وبعد عدة أيام تفاجأ، وإذا بلجنة مشكلة من 17 عضوا من مختلف الاختصاصات وجلهم متبرعين من المجتمع المحلي، تجتمع أسبوعيا لمتابعة حالت ابنه ووضع الخطط لمعالجته، وبالفعل تمكن الطفل من المشي بعد أن كان مقعدا منذ ولادته حيث صنعوا له أطرافا صناعية ساعدته على المشي بحرية تامة، والتحق بمدرسة يرتادها الطلاب الأصحاء، وتم تخصيص مشرفة لتكون مصاحبة له طوال الوقت.
قد تكون الإمكانيات المادية شحيحة، وتؤدي في كثير من الأحيان إلى تقصير في خدمة المواطن الأردني، ولكن عدم اللامبالاة والشعور مع الأهل ومع أبنائهم من ذوي الإعاقة من الجهات المعنية المختلفة، شيء لا يمكن أن يقبله أو يتفهمه أي مواطن، فهذه تؤدي إلى معاناة نفسية قاسية على الأهل خصيصا عندما يجدون أن المجتمع لا يبالي، بل وتعطي صورة سلبية عن المجتمع الأردني، فالمطلوب هو إعادة النظر في الإجراءات المتبعة، حتى تكون خدمات ذوي الإعاقة التي يقدمها المجلس الأعلى لشؤون المعاقين سهلة وميسورة للجميع وبدون معاناة لهم أو لأهاليهم، وهذا يتطلب أفكارا جديدة في تقديم الخدمة، ومنها فتح المجال للمتطوعين، من أجل تخصيص مندوبين من المجلس الأعلى لرعاية شؤون المعاقين في جميع المحافظات والمجتمعات المحلية ووزراه التربية والتعليم لمتابعة الحالات من ذوي الإعاقة وتقديم الخدمة لهم وكما يستحقونها.
وأما بالنسبة للموارد المالية فأرى أن يطالب المجلس الأعلى بتخصيص جزء من أموال الزكاة والصدقات المكدسة في وزارة الأوقاف، وفتح باب التبرعات لدعم احتياجات هذه الفئة من المواطنين.
المهندس وائل سامي السماعين
waelsamain@gmail.com