إذا كانت نتائج الاستطلاع التي تجريها مراكز وشركات يفترض أنها مستقلة صحيحة أو قريبة من الصحة فمعنى ذلك أن هناك ما يدعو الى القلق.
لا يتعلق الأمر فقط بزيادة جرعة التفاؤل فثمة وقائع على الأرض يجب أن تحفز كيمياء التفاؤل لدى الناس، والقلق ليس شعورا يتفرد به الشعب الأردني فقط بل أكاد أجزم أنه موجة عارمة تجتاح المنطقة والعالم بما في ذلك الدول الغنية.
إستطلاعات الرأي، أخرها مؤشر شركة «إبسوس» لثقة المستهلك الأردني وقبلها مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية تظهر أن الأردنيين قلقون فهناك 51.7% من الأردنيين يعتقدون أن توجهات الاقتصاد الوطني تسير في الاتجاه الخاطئ مقابل 48.3% يعتقدون أن توجهات الاقتصاد الوطني تسير في الاتجاه الصحيح.
الأخطر أن 69% من الأردنيين لا يثقون بالقدرة على الاستثمار في المستقبل بما في ذلك ادخار الأموال من أجل التقاعد أو لتعليم الأبناء.
هموم الأردنيين لم تتغير، البطالة والأسعار والفقر ما يؤكد أن الإقتصاد لا يزال أولوية ولو أن الاستطلاعات تمت في ظل نمو اقتصادي يناهز 8٫7% كما كان بين عامي 2002 و2008 لما كانت هذه هي نتائجها، فالناس سيقولون حينها أن الاقتصاد يسير بإتجاه صحيح، وربما يتفوقن على الشعب الصيني أو السويدي في مدح الإجراءات والقرارات والسياسات التي تتبعها حكومتهم.
المعضلة إذن في تحقيق النمو الإقتصادي فهو كلمة السر.
لكن لماذا انخفض معدل النمو الاقتصادي في الأردن إلى مستوى 2٫5% بأقل من النمو السكاني وبما يوازي نصف معدلات التضخم، ولماذا ا يتوقع أحد حتى صندوق النقد الدولي الذي إمتدح إجراءات التصحيح أن يتجاوز 3٫5% في أفضل الحالات، مع أن الأردن إلتزم بكل ما هو مطلوب بإنتظار أن يبدأ بقطف الثمار.
هناك أسـباب عديدة أدت الى الوصول إلى هذه النتيجة منها الأوضاع الإقليمية واللجوء السوري وقبلها الأزمة المالية العالمية والربيع العربي وضبابية المشهد السياسي، لكن حتى لو تم تجاوز كل هذه المسببات ثمة سبب سيبقى مؤثرا وهو خدمة الدين العام.
قيمة أقساط وفوائد القروض الخارجية نحو 613 مليون دينار بالعملات الأجنبية تشكل 6ر2% من الناتج المحلي الإجمالي ولو أن هذه الأقساط ذهبت الى بنود أخرى مؤثرة في النمو لناهز6%.
خدمة الدين العام الخارجي عبء على الموازنة العامة وعلى ميزان المدفوعات وعلى الحساب الجاري ومنه على احتياطات العملات الأجنبية.
ما لم يتحقق النمو سيبقى القلق مشروعا وحالة التشاؤم تحقق ذاتها وأن اليوم أسوأ من أمس، وأن غداً أسوأ من اليوم وهكذا.
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي