الدراسة التي اعدها مكتب الموازنة البرلماني حول تداعيات الازمة المالية على الاقتصاد الوطني ونشرتها »العرب اليوم« في عدد الامس كانت في غاية من الاهمية لعدة اسباب اهمها انها تناولت حالة الاقتصاد قطاعيا وابرزت الجوانب الايجابية والسلبية للازمة.
التوصيات التي خرجت بها الدراسة جديرة بالاهتمام من قبل المعنيين خاصة من اعضاء مجلس النواب الذين استلموا تلك الدراسة, فهي توفر لهم مرجعية في التقييم لاداء الحكومة ومراقبة آخر المستجدات على الصعيد الاقتصادي وكيفية مواجهة الازمة وتحفيز الاقتصاد ان هم ارادوا ذلك.
بعض تلك قابل التطبيق واخرى غير ذلك لاسباب فوق قدرة الاقتصاد الاردني على تحقيقها او تجاوزها, مثل التوصيات المتعلقة بتفعيل مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص, لان التجارب اثبتت ان لا الحكومة ولا القطاع الخاص مستعدان للشراكة في تأسيس مشاريع مشتركة بالمعنى الاستثماري, وكل ما يحدث هو عبارة عن "تزبيطات" رسمية تستغل اموال الضمان في مشاريع معينة.
كما ان التوصية المتعلقة باستقطاب الاستثمارات الخارجية تواجه تحديات كبيرة بسبب التراجع الكبير في التدفقات الاستثمارية في العالم بشكل عام والمنطقة بشكل خاص, والامر لا يتعلق بحوافز او تسهيلات.
لكن هناك توصيات جدية وتستطيع الحكومة والنواب تنفيذها من دون ان يكون لها تكلفة على الخزينة لا بل سيكون لها مردود كبير على الاقتصاد وتساهم في تحفيزه.
فزيادة الإنفاق الحكومي الرأسمالي وتوجيهه نحو مشاريع تعمل على استيعاب العمالة أمر ممكن ومتاح من خلال اعادة النظر في بنود النفقات الرأسمالية في الموازنة وتوجيهها بعد دراسة علمية نحو المشاريع الانتاجية التنموية.
كما ان دفع واقناع البنوك على التخلي عن سياسة التشدد والتخوف التي تتبعها في منح التسهيلات الائتمانية امر فيه مصلحة كبرى ليس فقط للاقتصاد الوطني وتسريع عجلة النمو وانما ايضا في صالح البنوك والمساهمين والعملاء, فسياسة التشدد لن تفيد احدا.
وقد ركزت الدراسة في توصياتها على القطاع المصرفي باعتباره المحرك الرئيسي نحو زيادة النمو وتحفيز الاقتصاد حيث دعت الى تبسيط إجراءات الإقراض للصناعات والقطاعات الانتاجية والتي من الممكن ان يحل انتاجها محل المنتجات المستوردة وبالتالي تساعد في تقليل عجز الميزان التجاري وتحقيق مبدأ الاكتفاء الذاتي, مع التوصية بقيام الجهاز المصرفي بالتوجه الى السوق واجراء دراسات تتفحص منافذ الإستثمار لتقديم التسهيلات لها بدلاً من انتظار المقترضين والعملاء.
لا شك ان التوصيات التي دعت اليها الدراسة تستحق انتباه المعنيين من السلطتين التنفيذية والتشريعية, ومن غير المنطقي ان لا يتم التعامل معها بالواقعية المطلوبة, فتركها يعني ان لا احد يريد ان يعمل والجميع سعيد ببقاء الوضع على ما هو عليه.0
salamah.darawi@gmail.com