نجح نائب الرئيس الأميركي مايك بينس الذي يصنف بالحليف الأول لإسرائيل في البيت الأبيض في عقد مؤتمر وارسو تحت عنوان مخادع وغير صحيح وهو «الأمن والسلام في الشرق الأوسط» دعا إليه قرابة الستين دولة من بينها عدد من الدول العربية المهمة والمؤثرة.
هوجم المؤتمر وفكرة عقده مبكراً، واتهم بأنه مؤتمر تاريخي لتطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل، وتشكل مزاج عام في العالم العربي بضرورة رفض دعوات هذا المؤتمر أو على الأقل خفض مستوى المشاركة فيه، وهو ما جعل شكل ومستوى المشاركة من بعض الأشقاء الخليجيين والعرب صادما للغاية.
المؤتمر وبكل بساطة كان مؤتمراً ناجحاً في كسر آخر الحواجز النفسية والسياسية مع إسرائيل، ولا أعلم إن كانت الاطراف العربية المشاركة قد تحرجت من «سطحية» التصريحات التى اطلقها المسؤولون الأميركيون والمسؤولون الإسرائيليون عن أجواء المؤتمر ونتائجه ومن أبرز تلك التصريحات على الإطلاق هو تصريح نتنياهو لدى تعليقه على قبول وزير خارجية اليمن خالد اليماني الجلوس إلى جواره والسماح له باستخدام «ميكرفونه» حيث علق على ذلك قائلاً: «صنع التاريخ».
كانت صورة الوزير اليمني اليماني إلى جانب نتنياهو هي خلاصة المؤتمر الواضحة والصريحة والمعبرة وبدقة عن هدف المؤتمر ونتيجته والمتمثلة بالتطبيع المجاني مع إسرائيل بالإضافة لهدف آخر وهو توفير الإسناد السياسي لنتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية المقبلة في التاسع من نيسان/إبريل المقبل، وهو هدف أكثر خطورة واهمية من مجرد التطبيع الذي بات عادياً وطبيعياً لدى بعض العرب.
لقد بات تثبيت نتنياهو رئيسا لوزراء اسرائيل هدفا لنائب الرئيس الاميركي مايك بينس، ومؤتمر مثل مؤتمر وارسو وفي هذا الوقت والتوقيت وبحضور خليجي وعربي يعد أكبر دعاية سياسية مؤثرة له داخل إسرائيل، ستساهم حتماً في رفع فرصه مقابل كل من غانتس ويائير لبيد.
سؤالي... كيف تحولت علاقات بعض الدول العربية البعيدة عن جغرافيا التماس مع إسرائيل إلى دول حريصة على التطبيع معها وتحت شعار أن الخطر الأساسي على امنها هو ايراني وليس اسرائيليا، وللجواب على هذا السؤال علينا قراءة تاريخ انهيار حكم الشاه والدور الاميركي والصهيوني في ذلك، وتثبيت الخميني حاكما لايران وكيف عملت المخابرات الاميركية في ذلك من خلال الكتاب التاريخي المهم للغاية للكاتب «احسان نراعي» بعنوان (من بلاط الشاه.. الى سجون الثورة).
لا عقل يتقبل انهيار الشاه بمظاهرات في ساحات طهران العاصمة التى لا تناصر التدين، انه قرار اميركي سياسي وامني مدروس بدقة تم تنفيذه في عام 1979 واليوم يتم قطف ثماره بعد ان تحولت ايران لعدو للامن القومي العربي والخليجي و العالمي بشكل خاص، واليوم علينا رصد النتيجة وتتبع من المستفيد من تحويل إيران للعدو الأول للعرب بدلاً من إسرائيل.
وسنجد ان التغيير في نظام الحكم في ايران كان أكبر «زلزال» في تاريخ الشرق الأوسط خلال نهاية السبيعينيات و بداية الثمانينيات، وعلى وقعه ما زالت تجرى كل الأمور الخطيرة ومنها مؤتمر خبز وارسو الذى تحدث عنه بنس وقال انها لحظة تاريخية أن يتناول العرب والإسرائيليون الخبز معاً !!
Rajatalab5@gmail.com
الرأي