السلط والمزيد من الشهداء
اللواء المتقاعد مروان العمد
17-02-2019 03:38 PM
في منتصف نهار يوم الخميس الموافق ١٤ /٢ / ٢٠١٩ وقع انفجار في ارضٍ خلاء تقع في منطقة وادي الازرق في محافظة البلقاء حسبما صرحت الناطقة الرسمية بعد طول انتظار ونتج عنه استشهاد الوكيل اول متقاعد عبد الستار محمود عبدالله الشرفا .
وحسب تصريح الناطقة الرسمية للحكومة فقد توجهت الاجهزة ( الامنية المختصة ) الى موقع الحادثة وانه واثناء تعامل القوة( الامنية المختصة ) مع موقع الحادث وقع انفجاراً آخر نجم عنه استشهاد الملازم اول احمد محمود فياض الجالودي من مرتبات الامن العام والرقيب اول مصعب نزيه سلامه شبلي العتوم من مرتب المخابرات العامة بالاضافة الى اصابة ثمانية آخرين من افراد الاجهزة الامنية باصابات مختلفة بعضها وصف بالحرجة وبعضها بألخطرة وبعضها بالشديدة وبعضها انها تحت العلاح .
وقد نعينا للشعب الاردني ولجلالة القائد الشهيدين ولذويهما وتمنينا الشفاء العاجل للجرحى الآخرين ولكن الآن لابد من ان نلقي عيناً فاحصة وعقلاً محللاً وناقداً لما جري في تلك الظهيرة الحزينة .
فور سماعنا لخبر الانفجار الاول ونحن نتابع مجريات الامور وقد افترضنا في البداية ان هذا لغم قديم انفجر بطريق الصدفة في احد المارة مما ادى الى وفاته . ثم اخذت تتواتر أخباراً أخرى على وسائل التواصل الاجتماعي ورد فيها ان الانفجار لم يحصل في ارض خلاء وانما فيى مزرعة في تلك المنطقة وان المتوفي كان يعمل بها . وان هذه المزرعة ليست بعيدة عن منطقة نقب الدبور التي حصل بها اشتباك مع خلية ارهابية بتاريخ ١١ / ٨ / ٢٠١٨ كان لها علاقة بوضع عبوة ناسفة اسفل سيارة عسكرية في اليوم السابق كانت تؤمن الحماية لفعاليات مهرجان الفحيص والتي اسفرت عن استشهاد وكيل من قوات الدرك واصابة ستة آخرون من افراد الاجهزة الامنية . حيث تبين ان عناصر ارهابية ممن لهم علاقة
بحادثة الفحيص يتحصنون في منزل بهذه المنطقة . وبعد اشتباكات ما بين الارهابيين والاجهزة الامنية استمرت عدة ساعات قام الارهابيون بتفجير قسم من المبنى الذي كانوا يتحصنون به . واعلن الناطق الرسمي للحكومة في حينها ان تم العثور داخل المبنى على ثلاثة جثث تعود للارهابين بالاضافة لاعتقال خمسة منهم والى استشهاد اربعة من اعضاء القوة الامنية المهاجمة بالاضافة الى اصابة العديدين من القوة الامنية والمدنين الذين تواجدو في المكان . وانه في اليوم التالي تم تدمير المبنى تدميراً كاملاً بما يحويه من متفجرات . وان الفرق الامنية المختصة عملت وعلى عدة ايام على هدم انقاض المنزل وتمشيط المنطقة والتأكد من خلوها من أي أسلحة اخرى او متفجرات .
ولكن وعلى اثر حصول الانفجاران وخاصة الثاني فقد قامت المواقع الاخبارية بالاضافة للعديد من المغردين وكما هي العادة بتناقل أخباراً عن هذه الحادثة تضمنت قوائم باسماء القتلى والجرحى من الأجهزة الأمنية في اختلاف واضح في الاسماء وفي صحتها حتى ان بعضها تضمنت اسماء أشخاص لم يكونوا في موقع الحادثة . كما حصل تناقض في الاجهزة الامنية التي ينتسب اليها الشهداء والمصابين ومدى خطورة اصابتهم . وكل ذلك دون ان تخرج الناطقة الرسمية باسم الحكومة بمعلومات ثابتة وصحيحة الى ان خرجت ببيانها الاخير وذكرت اسماء الشهداء والجرحى ورتبهم ووحداتهم العسكرية حيث تبن ان عدد الجرحى ثمانية اشخاص معظمهم من مرتب دائرة المخابرات العامة .
وقد تبين ان الانفجار الثاني قد حصل اثناء وجود المدعي العام والطبيب الشرعي في المكان لمعاينة جثمان الشخص الذي استشهد في الانفجار الاول . وانه تواجد في الموقع عدداً كبير من عناصر المخابرات العامة وبعضاً من عناصر الامن العام والذين ربما كان تواجدهم للاستطلاع والكشف الحسي على موقع الحادث وهم في اعتقادهم ان ما حصل هو انفجار لغم قديم تصادف وجوده في المنطقة وانهم ليسوا من العناصر المختصة كما وصفهم بيان الناطقة الرسمية باسم الحكومة والذين يتعلق عملهم بالكشف عن الالغام والمتفجرات والذين لم يحضروا الا بعد الانفجار الثاني حيث قاموا بتمشيط المنطقة وعثروا على العديد من الالغام والمتفجرات البدائية الصنع و شديدة الانفجار ومطابقة للغم الذي فجر السيارة العسكرية في الفحيص قبل ذلك بعدة اشهر ومطابقة للمتفجرات التي عثر عليها في بناية نقب الدبو حيث كان عناصر الخلية الارهابية متحصنين . حيث قامت هذه العناصر المختصة بتفجير العديد من هذه الالغام والمتفجرات في مكان تواجدها مما يعطيى انطباعاً بأن المزرعة كانت تستخدم مكاناً لتخزين الالغام والمتفجرات التي كان أعضاء الخلية الإرهابية ينون استخدامها في عملياتهم التخريبية قبل ان ينكشف امرهم .
وهنا لا بد من ان تثور جملة من الاستفسارات وعلامات الاستفهام .
وأولى علامات الاستفهام هي هل حقاً ان هذه الألغام من مخلفات خلية نقب الدبور الإرهابية ام انها حادثة أخرى منفصلة عنها ؟ واذا كانت كذلك فكيف لم يتم العثور عليها بعد مهاجمة وكر هذه الخلية وتمشيط المنطقة من قبل الجهات المختصة والذي استمر بضعة ايام ؟ ثم اذا كانت من مخلفات هذه الخلية فكيف لم يتم أستخلاص المعلوات عنها من الإرهابيين الخمسة الذين أعلن عن اعتقالهم عند مداهمة وكر الخلية والذين لم نسمع عنهم أية معلومات بعد ذلك لا من حيث الاسماء ولا من حيث التحقيقات ولا المحاكمات ؟
ثم أليس من المفروض وفي حالة حدوث انفجار نتيجة لغم ارضي او عبوة ناسفة نتجت عنه حالة وفاة ان تتحرك الأجهزة الأمنية لاغلاق المكان الى ان يصل اليه اصحاب الاختصاص الحقيقيين وهم خبراء كشف ونزع الألغام والمتفجرات قبل ان يدخل للموقع المدعي العام والطبيب الشرعي وعناصر من اجهزة أمنية غير مختصة بمعالجة مثل تلك الحالات ؟
هل تم اتخاذ الأجراءات الأمنية الكافية ام كان هناك تقصير فيها من قبل أي طرف ؟
اطرح هذه الأسئلة ليس من منطلق الاتهام وانا اعرف حرص جميع الاجهزة الامنية وكافة مسؤوليها وقياداتها على امن الاْردن وامن الأردنيين ، ولكن من باب الحرص على عدم السماح بحصول أي خلل او تقصير مستقبلا فيما لا سمح الله وتعرضنا لمثل هذه الأحداث والأخطار .
ورحم الله الشهداء واسكنهم فسيح جنانه ، ونسأل الله الشفاء العاجل للجرحى وحمى الله الاْردن والأردنيين من كل شر ومكروه .