الدساتير أنواع، منها المكتوبة وغير المكتوبة (الضمنية)، والتي تزدهر عادةً في ظل النظم الشمولية والنظم السياسية غير الديموقراطية أو التي تمتلك مؤسسات وقوانين وتشريعات ومشاركة سياسيّة ناقصة وأحزابا بلا مضامين، ويكون الهدف من وضع الدستور تلميع صورة الدولة في الخارج وتلتزم الدولة عادةً بالإفصاح عن الدستور إن كان ضمنياً أو مكتوباً ولا يصح أن يكون الدستور مكتوباً ويتم تجاوزه مراراً ليصبح التجاوز عرفاً له قوة الدستور أو يتجاوزه في القوة ويصبح عرفاً ناظماً للسلطة أو دستور الواقع (كما يسمونه ويصبح الدستور معطوباً بدل كونه مكتوباً) دون أن يكتب أو يتم التوافق على صياغته.
والدستور الأردني دستور مكتوب فيه مواد في منتهى الوضوح وضعت كقواعد آمرة لتوصف عمل السلطات بتوافق وطني شمل كافة أطياف الأردنيين، ولكن بالتوازي مع الدستور الأردني المكتوب نجد أن هناك دستوراً عُرفياً أو ضمنياً غير مكتوب بنوده أقوى من الدستور بل هي بنود فوق دستورية رغم تعارضها مع المواد الدستورية المكتوبة حيث أنها تسلب الأردنيين حقوقهم وتتجاوز على كرامتهم وتسرق انتمائهم على عكس ما جاء في الدستور الأردني من مواد لحفظ حقوق الوطن و المواطن يأتي على رأس القائمة في هذا الدستور قضية توريث المناصب والتي أصبحت عادةً اكتسبت قوة الدستور، كما تدوير المناصب بحيث يدور صاحب المنصب المورّث على كل وزارات وهيئات وإدارات الحكومة ويصبح جزءا لا يتجزأ من السلطة فتارةً في التنفيذية وأخرى في التشريعية وينتقل للديوان الذي أصبح موظفوه هم الإدارة الفعلية للبلاد إضافةً إلى تفريخ المؤسسات والهيئات لأبناء الذوات.
هذا البلاء الذي بدأ عام 2004 وانتشر كالنار في الهشيم إلى أن هشم الدولة الأردنية وأضعف كيانها بما فيه من توظيف بالعقود ورواتب فلكية وأساطيل سيارات وسكرتيرات واستقلالية مالية وإدارية عن الإدارة العامة الأردنية، وعن تحصين الفاسد حدّث ولا حرج وأما عن منح الإمتيازات كما حدث في الفوسفات والبوتاس وإن جاءت تفسيراً للدستور المكتوب أو المعطوب بفعل الاختراقات المتوالية له فقد جاءت ضمن دستورنا الضمني كما خصخصة مؤسسات الوطن وما حدث في التعيينات الغير دستورية الأخيرة من تجاوزات وتصريحات يدل على مدى تخبط الإدارة المستمر والإصرار على التعيينات وقبول هذا الإصرارهو ضمن البنود الفوق الدستورية للدستور الضمني. ولا أدري إذا كان تزوير الانتخابات وحجز مناصب لأفراد العائلة الواحدة واستخدام أموال الضمان للطوارئ والفجوة الهائلة بين رواتب كبار المسؤولين وصغارهم وأن يكون 10% من الشعب الأردني مطلوب للتنفيذ القضائي كما تكميم الأفواه وسجن الصحفيين والأسعار الفلكية للمحروقات وقبول العدد الهائل للوزراء في الحكومات وهجرة الأدمغة ورؤوس الأموال كلها أصبحت بنودا للدستور الضمنيّ.