الإيمان بين حج الفاسدين و وشمٍ على كتف فتاة ليل .....
( فالله خَيْرٌ حافظاً ) ، قالها يعقوب لأولاده يوم أرادوا أن يذهبوا بأخيهم الآخر بعد يوسف ، قد تقرأ هذا الجزء من الآية معلقاً في برواز على حائط غرفة الضيوف او على غلاف دفتر فتاة جامعية ، او حتى على سيارة نقل او ( قلاب ) .
فجر الجمعة في مخبز على دوار الواحة ، كنت أتناول من عربة المخبز بعض أرغفة خبز (الحمام ) و تصادف معي حول ذات العربة شيخ يشتري الخبز و هو في طريقه الى المسجد على ما بدا لي ، دخلت فتاة و وقفت معنا عند العربة و يبدو من ملابسها و تبرجها الفاقع أنها عائدة من احد نوادي الليل ، وقع نظري على وشمٍ على كتفها العاري ، نسيت تعليق الشيخ في أذني عن ملابسها في هذا البرد و هذه الساعة المباركة و دعوته لها بالهداية فقد صعقني الجملة اللتي وشمتها؛ ( فالله خَيْرٌ حافظاً) .
أخذني التفكير في دافعها لوشم آية من القرآن و هي بهذا الحال إلى معنى الإيمان عند الناس و علاقته بأخلاقهم و كيف لا يكون الإيمان وازعاً ، تذكرت حينها خبراً قبل ايام عن احد المسؤولين المتهمين برشوة و الذي كان يستعجل الراشي أن يسلمه رشوته سريعاً لأنه سيذهب لأداء الحج و لا اعلم ان كان ذاك المسؤول مظلوماً في هذا الاتهام .
قلت في نفسي : اذا كان الاتهام صحيحاً فما هو الفرق بين حج المرتشي و وشم فتاة الليل ، قد تكون هذه منبوذة و ذاك مبجلاً بين الناس و قد تتوب و تبقى منبوذة و لا يتوب و يبقى محترماً إنما كلاهما لم يتجاوز إيمانه الا أن يكون عنواناً لا يبلغ المعنى ، فالحج هنا لا يعدو كونَه وشماً يزيّن حياة الفاسد .
ثم انتبهت لظلمي في الحكم ؛ كيف أساوي بين من ظلم نفسه و بين من ظلم وطناً و باعه بثمن بخس ؟