يعترف وزير سابق، ان إحدى الحكومات السابقة في الأردن، وكان عضوا فيها، ناقشت حجب عدد من وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديدا فيس بوك، الأكثر رواجا في الأردن، لولا أن تم التراجع عن هذا القرار، لاعتبارات كثيرة، ابرزها يتعلق بالخشية من ردود الفعل العالمية.
الكلام عن حجب فيس بوك في الأردن يتردد أحيانا، لكن لا توجه حتى الآن لحجبه عن الشبكة، رغم حجب الأردن لمواقع إلكترونية تبث بالعربية من خارج الأردن، دون أن يهتم بردود الفعل على عملية الحجب، كون هذه المواقع غير شهيرة، ولا يمكن وصفها بالعالمية التي تجلب الانتباه، أو الضجيج.
يعاني الأردن من فيس بوك وصفحاته الداخلية والخارجية، بسبب عمليات نشر المعلومات الصحيحة كليا، أو جزئيا، أو الإشاعات، ويعتبر أن الوعي العام بات يتشكل وفقا لهذه الصفحات كلها، ولا يتأثر بوسائل الإعلام الرسمية ولا حتى المستقلة.
السؤال المهم يتعلق بالسبب الذي قد يمنع الأردن من اتخاذ القرار بحجب فيس بوك، وهو يراه في حالات محددة، خطيرا جدا، وبات أداة لتوزيع الإشاعات، أو الضغط على عصب الدولة، أو حتى سببا في تغيير الوعي العام، بعد أن تحول إلى منصة تؤثر على الجمهور بطريقة صحيحة، أو خاطئة، دون أن يجد الأردن حلا، سوى الإحالة للمحاكم في حالات محددة، أو عبر التنديد بصناعة الإشاعات، مع وهن كبير في صناعة إعلام بديل يوازي إعلام فيس بوك، أو يجعله أضعف، أو أقل مصداقية.
لا يمكن حجب فيس بوك في الأردن، لان عمان لم تفعل ذلك في التواقيت الحرجة التي مرت على الأردن، مقارنة بهذه التواقيت، إضافة إلى حذر الأردن من تشويه سمعته دوليا بسبب اتخاذه هكذا قرار، خصوصا في الغرب، كما أن الأردن يفضل اللجوء إلى البديل القانوني، عبر توقيف المعلقين الذين يعلقون بشكل مخالف للقانون، أو ينشرون إشاعات، ولولا العفو الأخير، لبقي المئات أمام المحاكم في قضايا على صلة بوسائل التواصل الاجتماعي، سواء على مستوى قضايا مرتبطة بالدولة، أو بشكاوى من أشخاص.
في كل الحالات هذا التحدي الكبير لا تتم معالجته عبر الحجب، خصوصا مع وجود آراء تتحدث عن سيناريو الحجب إذا استمر الوضع هكذا، وهي اراء يتبناها أشخاص ليسوا في مواقع رسمية، لكنهم يطرحونها أمام جهات مؤثرة باعتبارها الحل الوحيد، لما يرونه من حملات تشويه السمعة، وتدمير بنية البلد المعنوية.
لا بد من صناعة إعلام بديل، يوازي هذه الوسائل، سواء عبر الوسائل ذاتها، أو عبر انتاج أنماط جديدة، إضافة إلى استرداد ثقة الناس بالرواية الرسمية، ودون استرداد هذه الثقة ستبقى هذه الوسائل هي البديل الشائع والمحرك للجمهور، وليس أدل على ذلك أن نشر نصف معلومة على صفحة رائجة في الأردن، يجعلها تصل إلى كل الأردن خلال أربع وعشرين ساعة.
من جهة ثانية، فان فيس بوك في الأردن، على الرغم مما فيه من إشاعة للغضب، أو التعبير عن الاحباط، وتحوله إلى منصات لتصفية الحسابات أحيانا، إلا أنه في حالات ثانية، يقف بكل قوة في وجه أخطاء الحكومات، التي لا يوقفها أحد اليوم، لا البرلمان ولا غيره، وبحيث باتت هذه الصفحات، القوة الوحيدة التي تشكل الرأي العام وتقف في وجه الاختلالات.
سيناريو حجب فيس بوك، سيناريو بائس، وهو غير مطروح رسميا، لكن هناك من يتبناه ويريد ان يمرره بوسائل مختلفة، ويراه حلا اضطراريا، دون ان يدرك فائدة فيس بوك، فقد بات منصة إلكترونية بديلة للغضب من خلف الشاشات، بدلا من النزول للشارع، وهذا هو رأي “التنويريين” في الدولة، الذي يرون في توصيفه الوظيفي بهذه الطريقة، أهمية خاصة.
الغد