لماذا لم نتحرك قبل حديث الملك ؟
جهاد المومني
18-08-2009 09:41 PM
الصحافة تحديات ومسؤوليات 1
نظمت نقابة الصحفيين ما يمكن اعتبارها ندوة حوارية للحديث في أكثر من قضية اعلامية لا ادري كيف تم اختيارها من بين عشرات القضايا الاخرى وعلى اي اساس وجدت طارئة كي يتم بحثها في نطاق ندوة واحدة ولنصف يوم من الزمن ,وليس هذا هو المهم على اية حال فمواضيع البحث على قدر من الاهمية حتى لو تحركت النقابة لبحثها بعد تدخل جلالة الملك عندما تحدث عن هموم وطنية عامة خلال لقائه مجموعة من كبار ضباط القوات المسلحة في القيادة العامة ,واتفق تماما مع رأي الاستاذ رمضان الرواشدة مدير وكالة الانباء الاردنية عن سبب عدم تحركنا عادة - كنقابة ونقابيين - الا بعدما يتدخل الملك ويفض الاشتباك ,ومع التساؤل الكبير عن تقاعصنا في مناقشة مجموعة المخالفات التي ترتكب باسم حرية الصحافة كل الوقت بحيث يسود شكل من اشكال الرقابة المتواصلة ,هذا فيما يخص المواقع الالكترونية التي كانت محور النقاش أكثر من سواها , كما انني اتوقف قليلا عند مداخلة الاستاذ فيصل الشبول السريعة حيث ذكر واقعة من زمننا هذا عندما قبلت الصحافة ان تكون ضحية استغلال بعض المسؤولين لها فتساق لى معارك داخلية فخاضت حرب تصفيات بين هذا او غيره من المسؤولين ,ومن نتائج ما جرى اساءات بالغة لطرف ثالث هو الوطن ولمواطنين ومسؤولين محترمين وبعضهم راح ضحية المزاحمة على المناصب والصلاحيات بين اقطاب كبيرة لم تصن الثقة التي منحت لها عندما سلمت ارفع المناصب والمواقع الوظيفية التي يفترض انها جامعة لا مفرقة بين مكونات الاردنيين الثقافية والاجتماعية والفكرية ,ولم تحرر الصحافة نفسها من هذه المعارك الجانبية الا بعدما تدخل جلالة الملك في ديسمبر الماضي لينهي حالة مؤلمة من الاحتقان والتوتر الذي ظهر لأول مرة على الصفحات الاولى ليشكل شللا صحفية تقاسمتها اقطاب النزاع وحولت ولاءها الى مواقع وظيفية بدلا عن الولاء الخالص للدولة وللوطن الاردني وقيادته ..
موضوع آخر طاله البحث والنقاش واخذ حيزا واسعا من نصف يوم العمل مقارنة مع غيره من المواضيع ,الوحدة الوطنية وكيف تسللت بعض الصحافة الى ما هو متفق على انه غير قابل للبحث والنقاش في هذه المرحلة على الاقل ,والقصة بدأت منذ ان باشرت وزارة الداخلية تصويب اوضاع البعض تمشيا مع قرار فك الارتباط ,وهي الاجراءات التي عاملتها حفنة من الصحفيين والكتاب عن عمد وسبق اصرار وترصد على انها انتهاكات لحقوق الانسان وسحب للجنسيات, والى حينه لم يكن ثمة مساس بالوحدة الوطنية في الصحافة ,فالذين لم تعجبهم اجراءات وزارة الداخلية فهاجموا الوزارة الوزير لم ينتهكوا مبادئ الوحدة الوطنية الا في نواياهم ومشاعرهم اما على الورق فالامر بقي في اطار حرية الرأي والصحافة , وكان ثمة رأي آخر او لنقل موقف سياسي معارض بالمقابل اصحابة كتاب وصحفيون اردنيون ايضا لكنهم يمثلون الجهة الاكثر تحسسا للواقع السياسي في المنطقة والاقليم والمخاطر المحيطة بالاردن من كل جانب ,وهم يعبرون في عصبيتهم عن حالة خوف على وطنهم من مؤامرات تحيكها اسرائيل مع بعض الدوائر الغربية بالاتفاق مع بعض القوى في المنطقة لتمرير مشاريع تصفية للقضية الفلسطينية على حساب الاردن ,هذه المجموعة تحركت للدفاع عن وزارة الداخلية واجراءاتها انطلاقا من موقف ربما يكون أكثر وضوحا في محبة الاردن والحرص عليه ,والى هنا لم تكن الوحدة الوطنية قد تعرضت للانتهاك لان الدفاع عن ثوابت الدولة الاردنية والهوية الوطنية ليس تعنصرا ولا يجوز فهمه على انه تعرض لطرف آخر اذ يفترض انه ما من طرف آخر ,فالجميع متفقون على ان سيادة وامن الاردن وهويته خطوط حمراء واهم من الوحدة الوطنية ذاتها ,وفي سياق عرض الرأي الاول ونقيضه حدث الصدام في منتصف الطريق ليكشف عن عيب خطير في الجسم الصحفي كله يعكس واقعا حقيقيا غير وهمي وبالتالي علينا وضعه دائما في الاعتبار ,هذا العيب الكبير ظهر على شكل تجاذبات كلامية على اساس المنشأ والمنبت رغم اعتراض الاستاذ نصوح المجالي على وجود هذا المصطلح من اساسه ,وكما حدث في السنتين الماضيتين عندما ترك صراع الديوك على مواقع النفوذ وانتقلت العدوى الى الصحف والصحفيين, فأن حالات التعدي على حدود الوحدة الوطنية استمرت لشهر او شهرين بعدها تدخل جلالة الملك ليضع حدا للتجاوزات بحديثه الأخير عن قضية الوحدة الوطنية وقدسيتها بالنسبة لنا جميعا ...وللحديث بقية .
جزء من المقال نقلا عن الراي.