"عوني غيت" الذباب والقمامة
رجا طلب
15-02-2019 06:33 PM
تحول اسم عوني مطيع إلى واحد من الأسماء الأكثر إثارة بل وشهرة في الأردن خلال الأشهر الأخيرة، رغم أن الرجل ليس شخصية سياسية ولا حتى اقتصادية ولا يملك شهرة في أي مجال من مجالات الحياة العامة. فحتى وقت قريب من تفجر قضيته كان شخصاً مغموراً و"نكرة" غير معروف إلا في محيط ضيق وفي بيئة اجتماعية مغلقة، فهو شخص عادي جداً متواضع العلم والتعليم، نجح على ما يبدو في التهريب وتحديداً تهريب السجائر، وفي غفلة من الزمن ومن الدولة الأردنية نجح عوني مطيع في بناء امبراطورية لتهريب السجائر العالمية المزورة المصنعة في الأردن وغيرها من البلدان والتي تحمل أسماء أنواع وأصناف أمريكية وإنغليزية شهيرة.
عوني مطيع شغل وما زال يشغل الشارع الأردني وحتى النخب السياسية والاقتصادية بعد أن كشفت التحقيقات التي أجريت معه بأنه كان قد نجح في ربط مشروعه الضخم هذا الذي كان يدر عليه شهرياً الملايين من الدولارات بشخصيات رسمية ومتنفذة سهلت له مهامه بل وغطتها، وتحولت قضية "عوني غيت" إلى منصة ضخمة لتفريخ الشائعات وتوجيه الاتهامات والزج بأسماء كثيرة وكبيرة في القضية واختلط "الحابل بالنابل"، واستثمر هذا الجو في "اغتيال سمعة بعض الشخصيات" أو التشكيك فيها، ودخل على خط القضية "الذباب الإلكتروني" الذي يعتاش على مثل هذه القصص ويساهم في تحويلها إلى أزمة وعنوان لاحتراب داخلي- داخلي.
من النتائج القاسية أن ذلك "الذباب الإلكتروني" الذي دخل على خط القضية نجح في إقناع نسبة كبيرة من الأردنيين بأن عوني مطيع هو مجرد عنوان أو مجرد واجهة فيما الزعيم الحقيقي لهذه الفضيحة هو "كارتل" من شخصيات أردنية متنفذة استخدمت مطيع ورمته على قارعة الطريق بعد أن انتهت مهمته.
وكلما ناقشت متنوراً أو شخصاً عادياً في هذه القضية راح يقذف في وجهي هذه النظرية أو هذا الافتراض، وهو أمر يدلل على أن الشارع الأردني لم يعد لديه الثقة الكبيرة بالدولة الأردنية ومؤسساتها، وهو ما سهل ويسهل مهمة المتربصين بالدولة والنظام السياسي من "الخوارج" وأقصد هنا الذين يمارسون الوطنية من خارج الوطن و"يعلبونها" ويرسلونها لنا على هيئة فيديوهات أو "بوستات" على فيس بوك أو تغريدات على تويتر، قد يكون البعض من هؤلاء وطنياً حقيقياً غير أن بعض الأشخاص الذين ظهروا في المشهد يحاولون استثمار هذا المناخ المحتقن لغايات انتهازية أو مصلحية أو لغايات ثأرية ولتفريغ عقد نفسية، حيث تلمست من خلال متابعتي لبعض ما جاء من "الخارج" من قصص وحكايات "ألف ليلة وليلة" وسرد تاريخي "مهزوز" أو "مفبرك" أن خروج البعض من هؤلاء للتحدث فجاة والاطلالة علينا وكأنهم يبيعون علينا الحكمة والوطنية بأثر رجعي ويوزعون شهادات التفوق في هذه الوطنية على طريقة هذه لك، وتلك لهذا، هو أمر "ليس بريئاً على الإطلاق ويستحضر في ذهني وتفكيري "نظرية المؤامرة" بكل أبعادها.
عوني مطيع وقضيته أو فضيحته هي اختبار مهم "لعافية" الدولة والناس في الأردن، القضية ما زالت في "القضاء" وهو السلطة الوحيدة التي مازالت تمتلك ثقة الشعب الأردني، وهو ما يرتب على تلك السلطة وفي هذه القضية بالذات تبعات كبيرة، والحقيقة الكاملة غير المنقوصة هي الحل، وهي الوسيلة لإعادة الثقة في الدولة وفي مؤسساتها.
24: