لكن الخبز يصنع الحب احياناً
مصطفى الرواشدة
14-02-2019 08:38 PM
لم يكن للاوطان معنى إذا لم تكن الحضن الدافيء لمواطنيها ويجمعها من القواسم المشتركة ما يجعل الناس فيها على صعيد واحد في الملمات التي تتهدد الأوطان وتجعلها في مهب رياح الخطر ولولا ذلك لم نجد صور الفداء والإفتداء في سبيل الوطن إنها الروح الجمعية التي تنتظم أهل الوطن ليفرحوا جميعاً لفرح الوطن ويحزنوا جميعاً لحزن الوطن وتصبح راية الوطن التي ترتفع في اي محفل كان هي راية كل مواطن وإلا لما كنا نرى فرحا عاما يعم بيوت كل المواطنين تقريباً لإنتصار في لعبة كرة أو فوز عداء من الوطن أو تحقيق إنجاز علمي لمواطن من الوطن وغير ذلك من الصور والمواقف التي تتوحد فيها المشاعر والعواطف والتوجهات وتذوب فيها كل إختلافات وجهات النظر الفرديه والجماعية لأن الإنجاز هو إنجاز للوطن والفخر حينها هو فخر لكل الوطن.
ولئن كانت مواقف الفخر والزهو الوطني والفرح الوطني يوحد ويجمع فكيف لايكون الألم وتكون المعاناة هي الأخرى تجمع وتوحد وتدعو المجتمع إلى أن يتعاضد ويتكاتف وتعلو فيه قيم التكافل والتعاون والمواساة.
ولعله من فضل القول ان نقول ان وطننا يمر بأزمة إقتصادية ربما تكون غير مسبوقة وصل فيها معظم الناس إلى درجات لاتطاق من العوز والحاجة والفاقة والتي دفعت بعض الناس إلى سلوكيات مؤلمة جداً واصبح هاجس الغالبية العظمى من الأردنيين تدبر كفاف العيش والذي أصبح صعب المنال وفي ظل ذلك نرى وبكل حسره فئة من المتخمين بحق وبغير حق في هذا الوطن يمارسون الجفاء إتجاه من يشاركونهم أرض الوطن وتصدر عنهم من التصرفات التي تزيد بؤس البائسين من قلة ذات اليد فهل يدرك مثلاً المحتفون بعيد الحب وينفقون ماسمعنا من نفقات باذخة في الفنادق والمتاجر وأماكن أخرى مالم نسمعه في أي دولة من الدول التي لاتعاني من أية ظروف اقتصاديه صعبة.
لعل الحب يتعزز أكثر لو تفقد المنفقون عائلات لاتجد قوت يومها أو يرتعد أطفالها من قسوة البرد ولايستطعون شراء الكاز أو المدفاة لغايات التدفئة ولعل الحب يتعزز أكثر لو أنفق المنفقون ليخرجوا بعض أرباب الأسر الذين يرسفون في اقفاص السجن كونهم غارمين أو غارمات وتشرد خلفهم أبناء وبنات لعل الحب كان يمكن أن يترسخ أكثر لو أنفق المنفقون لبناء مأوى لعائلات لاتجد مأوى أو سترا من حر الشمس وقر الشتاء.
كثيرة هي الوجوه التي يمكن أن تجعل الحب يسود والمؤدة تعلو والتكافل يترسخ بين أفراد المجتمع الواحد.
أيها المسرفون لاتساهموا أكثر في صنع مجتمع الكراهيه والذي بدأت ملامحه تطفوا على السطح من خلال بعض الممارسات والجرائم التي توحي بأن المجتمع صار فيه فريقان فريق يضم أغلبية ساحقة من المعدمين والمعوزين وفئة تستأثر بالثروة والإمتيازات وصار البون شاسع بين هذين الفريقين بما لم يكن معهودا في السابق وبما لايشي بالتركيبه الاجتماعية الصحيه للمجتمع المتدرج في إمكانياته والتي تكون تركيبة طبقاته طبيعية لتدور عجلة الحياة والتنمية بشكل سلس ومقبول.