معاذ البطوش: الحرية باقية وتتمدد
د.مهند مبيضين
14-02-2019 12:31 AM
كنت اتمنى أن يلقى الراحل الوفي والمخلص لوطنه معاذ البطوش، وطنه المشتهى قبل الوفاة، معاذ الذي سار مع المعلمين إلى عمان ذات يوم مطالبين بنقابتهم عام 2010 وبقي على حلم الإصلاح، وعلى وعد الحرية، كي لا يرمينا التاريخ بلعنة التأخر. لكنه الموت الذي يباغت ويأتي دونما موعد مرتب، فيكون قلب معاذ وطناً آخر من الوجع والكبت والحرقة على بلادٍ، ما كانت يوماً إلى أرض عطاءٍ وشجاعة وقادة.
هذا الكركي الراحل، المعذب بطموحه، كان يشتهي أن يخرج الناس لانتخاب اشخاص يليقون باحلام الضعفاء، وأن يكون لدينا مدارس راقية، وأن لا تكون المعونة الاجتماعية للفقرء مشاعاً تتنازعها سفارات باحثة عن أنصار لبلادها، او بعض رجال الاعمال المغلفين بالفساد ويبحثون عن براءة الجريمة من ألسنة الفقراء.
كان معاذ يشتهي أن يُدرّس في جامعة وطنية، لكن الصراع على الإضافي، يحول دون معاذ وآخرين كثر غيره ممن يموت طموحهم كل يوم، بعدما انفقوا كل ما يملكون لاجل درجة علمية جديدة.
خرج الناس في جنازته معبرين عن حبهم للنقاء، فكان لقرية الطيبة أول أمس موعد مختلف مع الرجولة التي فقدتها والتي كان العزاء فيها من مختلف بقاع الوطن، فكان توقيع الحضور بغياب الراحل كبير جداً ويليق بأردني أصيل.
الموت يا معاذ يخطف أجمل شباب بلدي، في أوان عطائهم قبل الخمسين، لكنها الرحمة والإرادة الربانية التي نؤمن بها، فإذا صباح اليوم وغداً عليك مختلف تماماً، لأنك لن تقرأ في الصحف أن مسؤولا زار قرية كذا متكرماً بوقته الثمين ليسمع الناس موعظة في الصبر على وجع الاقتصاد والجوع، أو أن سفارة ما أرادت توزيع حقائب الفقر الجديد عن أبناء بلدي.
سوف نكون يا معاذ على موعد مع الوطن الطيب، ومع الأردنيين المخلصين لقضيتهم، من أجل حلمك بوطن أفضل، وبحياة كريمة عنوانها: الأرض والكبرياء، وسوف نذكر ذات نهار أن ثمة من كان مخلصاً لقضيته وحلمه دونما مساومة تذكر، أو رغبة جامحة بمنصب مزيف.
هنا لابدّ أن الرفيق مصطفى الرواشدة يفقدك اليوم، وكذلك أدما زريقات وشرف أبو رمان وعمر العضايلة وأشرف الضمور واحمد الصعوب وناصر البشابشه وباسل الحروب وآخرين كثر. فعلى روحك السلام، وستبقى الحرية باقية وتتمدد.
الدستور