غيبك الردى أيها الحبيب على عجل ، مهرولا فرحا بقلبك الندي الطيب للقاء ربك الكريم ، وكثير منا لم يودعك بقبلة الفراق ، أيها المحب لكل من لامست يداه يداك ، ولكل من ظن بك غير ذلك، يا من تغافلت وأنت تدري عن أدق التفاصيل !! وترفعت أن ترد من منطق القوة لا الضعف ، وقد ذابت ذاتك الكبيرة وأنكرتها.
ماذا أقول فيك عن حبك لوطنك الأردن ، وعنادك في نيل هذا الحب ؟ وقد ذاب قلبك وفاء له حتى غدا خلقا عندك وهدفها نبيلا لا يبارك عقلك ؟ وماذا تقول كتائب الأصدقاء الذين ودعوك حيارى يوم الثلاثاء الحزينة ؟ كانت عيونهم تذرف ، وقلوبهم مفطورة، وخطاهم مبعثرة وراء نعشك ، وماذا عساها تقول الكرك التي بعد فقدك ، فأنت من فرسانها ، وانت أنت وهج بريقها الأزلي ، لأنك حبيبها ومن أباة أبنائها الأحرار ، الذين لا يلقون سلاحا ، ولا يديرون ظهراً أبداً .
ماذا يقول كل من عرفك - وهل معك قصة وحكاية - فكيف يفلت من عذابات فراقك ؟
يا صاحب البطانة النقية الناصعة ، والعقل المستنير ، والقلب الكبير الذي كظم غيض بعض من حاربوك ، لكنك أبيت كعادتك إلا أن تفتح قلبك مرتعا لهم ليتسيدوه ، وكان فرحك بهم عظيما وزاهياً وأخاذاً.
معاذ الأخ والصديق والزميل واﻹنسان ، لقد استبد حبك بنا ، وما يعطنا فرصا ، وها هو فراقك يستبد بنا حزنا على فراق قامتك الوطنية البهية ، وضحتك النقية الصافية ، وكبريائك الكبير ، ومروءتك المشهودة ، وكرمك الأصيل .
لن أنس كل لحظة قضيتها معك ، في مركز قرطبة والذي اخترت اسمه نبضا وصدى لعروبتك ، أو أنس رسالة الماجستير المعنونة بتداعيات العدوان على العراق ، وكيف سبقت غيرك برؤية ثاقبة وبصيرة نافذة ، جاء وقت الندم عليها بعد ضياع عراقنا ؟
أو ينساك معلمو الأردن الذين ناضلت من أجل نقابتهم حتى نالوها ، وقد أنفقت مضحيا بكل ما تملك من أجل هذا المقصد النبيل .
وإن نسينا ، فلن ننس فهمك العميق للتحولات الديموقراطية في وطنك الأردن ، وقد رصدتها من عام 1989 حتى عام 2016 ، حتى جاءت ثمرتها رسالة للدكتوراه التي نلتها .
إليك أيها الحبيب ، يا صاحب اﻷلق والبريق والحضور البهي ، أكتب كلمات مدادها الحزن عليك ، وسداها الوجع والألم . وإليك أيضا أضرع إلى الله العلي القدير أن يجمعك مع الشهداء والأنبياء والصديقيين في جنات الخلد وحسن أولئك رفيقا .