غالباً ما نخفي حزناً ووجعاً ونحن نخوض معركة ضارية مع الحياة، ونكتفي بقول نحن بخير مع تنهيدة حرّى تخرج من أعماقنا، نصبر على علاقات كثيرة الشّد، كثيرة الاستفزاز كثيرة الوجع مليئة بسوء الظن، نعيش العمر نلهث وراء التبرير وإثبات البراءة! وغالباً ما نحاول ونحن نقف على خط المواجهة مع أناس بقلوب حمقاء أن نصنع سعادتنا من أدواتنا المتوفرة لدينا مهما كانت صغيرة ... محاولين أن نُكرِم أنفسنا بالابتعاد عنهم بالرغم من اتساع رقعة الأذى يوماً بعد يوم ونحاول ونحاول.. إنها عزّة النفس التي تدفعك الى أن تتظاهر بأنك بخير وتشعرك بالاكتفاء! ان تتدرع بالصَبر وتتجرع الغيظ مثملاً قول الشاعر: ولا تُريّنّ الناسَ إلا تجمُّلاً، نبا بك دهرٌ أو جفاك خليلُ،،
تباً لعزة نفسٍ التي تخفي وراءها الكثير من الألم والانتظار، من الصمت من الخوف من تغيّر الناس وتقلباتهم من بُعدٍ له صوت ينادي ويقول لا ترحل.. وقربٍ أبكم لا ينطق، من الألآم ووجع النكران....
من قسوة زمن أذاقتنا جميع أنواع الحزن ورمت بنا في عزلة أتعبت قلوبنا. تبا لذلك الكبرياء الذي يقودنا إلى اختلاس بعض الابتسامات نستلُّها من غور زمنٍ بائسٍ مندثر، عزة أنفسنا حَكَمَت علينا بالفهم الخاطئ والغرور لأننا نصمت ولا نلجأ الى أحد أوقات الجحود والنكران، نشعر بالألم وحدنا ونتداوى ذاتياً نبتعد ونتجاهل حتى نتذوق الألم بمفردنا ولا نؤذي به أحداً غير أنفسنا!!
ما أكثر الكلمات التي تتراجع يدي عن كتابتها رغم أنها أصدق ما أشعر به .. لكنني أهديك ألمي يا صاح، أهديك انكسار خاطري.. أهديك حزني وهشاشة قلبي أهديك كل انكساراتي وكل ما سببته لي و كل ما زرعته في طريقي من أشواك عبر السنين الطويلة.. كلـها أنتَ مُدان بـها.. وكلها أنت أحق بها وكـلها في رقبتي أمانة وآن آوانها لأنني تعلمت أن ردَّ الأمـانات إلى اهلها واجـب ولا بدّ يوما أن تردّ اليك. سيفي قلمي وبه سأهديكَ وجعي!
نحن لم نتغير ولكننا استوعبنا قلبك الأحمق يا صاح يوم احرقتَ قلوباً غضَّة، فرُحتُ أبتلعُ كلماتي وعتابي وأكتمُ همّي وقهري، ويوم سرقتَ البهجة والطاقة والبراءة بغرورك وغطرستك فسالت دمعتي الحرّى من أعماق روحي المتعبة فكانت أكبر مما تحوي عشرات الكتب من الحروف والكلمات ... ولكنك لم تكن لتحسن القراءة ولم يرف لك جفنٌ البتّة، سرقتَ البهجة وانصرفتَ.
يا لبشاعة ان تبتلى يا صاح بأناس على شكل بشر، قابعون في قافلة الماضي التي لن تصل بهم الى أي مكان، لا يعاشرون بالمعروف ولا يفارقون بالتي هي أحسن! يخفون خيبتهم وراء غرورهم وأكاذيبهم وأحاديثهم الفارغة واهتمامهم المزيّف ونفوسهم المريضة... البُعدُ عنهم غنيمة والقربُ منهم غريمة.
لا تسألني عن لحن الرجوع يا صاح، فالتجاوز سنة الحياة، اتجاوز ندمي اتجاوز هزيمتي وربما اشخاصاً آخرين لستُ مضطراً إلى تلوين مبادئي وأفكاري في كل موقف لكي يقبلونني أو أن أخجل من قيمي التي تمنعني من البحث معهم عن هويتهم الضائعة وفردوسهم المفقود. فقلبي بات دفينا وروحي كعصفور سجين يتوق للطيران، أنا صوت ضائع وجرح يتكلم وبعثرة حروف تلملم شتات العمر بقلم عابر وبعض كلمات مخنوقة تبحث عن مكان في سفينة الحياة، هكذا هي ايامي متقلبة كطقس الخريف تتطاير أوراقه، لا فرق عندي بين يومين أو عامين أو حتى عقدين أو ثلاثة ....