نسجل لكل موظف ينفرد بصفات المتميز، ويتفرد بذكائه الاجتماعي وماهرته في التعامل والتواصل مع المواطنين والمراجعين، وقدرته على متى وكيف يعمل، ولمن يمتلكون القدرة على الانجاز خدمة لصالح العام بعيدا عن اي محسوبيات ومصالح شخصية فانية ومن يعمل تحت ضغوط الاعمال وملفات المراجعين.
وما ينطبق على حال بعض موظفي القطاع العام لا تجدها عند نظيره بالقطاع الخاص ؛ فالأخير يسعى للانجاز والتميز ، ويحظى المراجع لديه بخدمات نوعية مع الترحيب والابتسامة، لأن الأخير لا يخضع بعمله لمزاجه الشخصي وتبعا لظروفه الخاصة بل لرقابة وحزم وربط من الادارة ومتابعة، عكس الوظيفة العامة التي تخلو أحيانا من الرقيب والعتيد والخدمة المتيزة وهنا اتركها لتقدير المواطنين.
ورغم المبادرات التي اطلقتها الحكومة وسنتها لحفز الموظف العام على المبادرة والتميز الا ان النظرة لا زالت قاصرة ولم تغطي بيئة العمل بشكل عام وتحتاج للمراجعة لا سيما في المؤسسات والوزارات الحكومية ذات التماس المباشر مع المواطن.
أنَّ القلق الشخصي وضغوط وبيئة العمل التي يتعرَّض لها العديد من الموظفين تكون ناتجةً عن مؤثرات خارجية أساسها وبعضها من داخل المؤسسة وعدم الرضا ووجها الاخر خارجيا نتيجة ضغوطات اجتماعية واحيانا مالية بل اغلبها.
أن الثقافة والمعرفة والاطلاع الواسع، والالتزام الخُلقي والرؤية الإسلامية للموظف العام ضرورية ومن الثوابت الاساسية للخدمة العامة ، وهنا تتجلة ضرورة اخضاع الموظف لاستراتيجية شاملة لتمكينه وتاهيله واعادة ربطه بالشان العام قدر التغيير الحاصل وبما يعود بالنفع على الدولة بشكل عام ضمن خطة مدروسة ومنهجية وعلمية وعملية محكمة للرفع من شانه الاداري كغاية في الاهمية.
ان عدم تُحقِيّق الموظف مكاسب دنيوية على حساب اخلاقه ووطنه وقيمه ومصالح الاخرين تعتبر فضيلة في زمن كثر فيه الفساد واستشرى فيه الحرام، وامتلاكه للتفكير السليم ما يؤهله للتعامل مع المعلومات والمشكلات والمواقف المختلفة اثناء اداء عمله رسالة سامية يؤجر ويثاب عليه من الله والعباد.
ومن الاهمية تبني الحكومة خططا ودورات وبرامج مدروسة لتنمية قدرة الموظف وتاهيله على اداء عمله باداره واقتدار وحل مواجهة المشكلات الشخصية والداخلية، من أجل ان يُصبح قادراً على أن يفصل عمله عن مشكلاته، ويتخذ إجراءات ادارية مناسبة، كما أنَّ ذلك يُنمِّي أداءه في العمل وعلاقته مع المراجعين والزملاء.
فمزاجية بعض الموظفين العاميين وضعفهم في الاداره والخبرة والتجربة العملية والعلمية اثرا سلبيا في ادائهم وعملهم باتقان وانجازه لمصالح المواطنين ومعاملاتهم ؛ ما يؤثر على إنتاجه الدولة .
فعندما يكون مزاجه متعكراً لأسباب قد تكون أسرية أو لاسباب مادية وهي الغالبة على حال موظفينا أو أمور خارجة عن نطاق العمل ؛ فإنَّه يتعامل بذلك اليوم بشكل سلبي مع جميع المراجعين وفقاً لما تمليه عليه مشاعره السلبية، والعكس صحيح.
والمقصود بالموظف اي كانت طبيعة عمله سواء كان موظفا خدميا او طبيبا او ممرضا او معلما وفي اي مؤسسة او وزارة ، زراعة ، تنمية ، كهرباء ، مياه ، مستشفيات ...الخ .
المغلوب على امره المواطن يتحيَّن الفرص المناسبة التي يكون فيها مزاج الموظف "رايق"؛ ليحظى بإنهاء معاملته، ومنهم من يتأكَّد من نوعية مزاج الموظف في ذلك اليوم الذي يهمُّ فيه بعرض معاملته ليحظى بفرصة انجازها، إلاَّ أنَّه من غير المنطق أن يتوقف مصير معاملات المواطنين على الحالة النفسية للموظف ومزاجيته، لا سيما عندما يتطلَّب زوال تأثير الحالة المزاجية للموظف مدةً طويلة.
ومن باب الامانة والوطنية والاخلاق أن يعزل الموظف ظروفه التي تعرضَّ لها وقد تؤثر على خدمات المواطنين بشكلٍ سلبي عن بيئة العمل، وأن يحاول قدر تغليب مصلحة المواطن والعامة ومراعاة ظروف هذه الشخص وحاجته لانجاز معاملته بسرعة.
أنَّه ربَّما تكرَّر حضور المراجع أكثر من مرة للتأكد من حال ومزاج الموظف قبل الدخول إليه، وعندما يكون مزاجه مضطرباً فإنَّ الجميع يُقرِّر تأجيل مقابلته إلى وقت لاحق.
ولا بد من أن يتوقف مصير المراجع أو طلبه على مزاج الموظف ونفسيته، ومن غير المعقول أن يتحيَّن المواطن الفرصة المناسبة لتُحل مشكلته، أو يُقضى طلبه، أو يُبتُّ في أمره، وأنَّ الأمر يبدو أكثر سوءاً عندما يتطلَّب زوال تأثير الحالة المزاجية للموظف عدَّة أيَّام.