في روسيا وعموم البلدان البلدان الأوروبية الباردة يلجأون إلى وضع معلقة معدنية صغيرة، في كل كأس عند صب الشاي الساخن، خوف أن تتكسر هذه الكأس شذرا مذرا، والمعلقة هنا تعمل كمصدات وقائية تمتص بسرعة كبيرة حرارة الشاي العالية، وتقلل من سخونته، فتحمي بذلك الكأس من التمدد المفاجئ المباغت، فتقيه كسراً حتمياً: حيلة فيزيائية!!.
في الشتاء يعمد الكثير منا إلى سكب قليل من الشاي في قعر الكأس، ونحركها قليلاً، كي ندفئها ونجهزها لاستقبال الحرارة العالية المسكوبة فنحميها من التكسر، كما أن البعض منا لديه ملاعق من الحديد قد تفي بالغرض، لكنها ليست كملاعق الفضة، والتي أيضاً ليست كملاعق الذهب، فالذهب هو الأكثر موصلية وأكثر إمتصاصا للحراة، وباستطاعة كبح جماح الشاي المصبوب، وامتصاص حررته!!.
ولأن كثيراً من بيوتنا ما هي في أحسن حالاتها إلا كؤوس زجاجية، ينصب فيها شلال الأسعار الحارق، حتى ونحن في أيام لاهبة بحرارة صيف قاس، فهي حتماً ستلاقي تكسراً سريعاً، وتصبح بعد صبة أو صبتين هشيما تلمه المكانس وتلتقمه الحاويات، ما لم تلاق مصدات حرارية تحميها وتمتص عنها هذا الغلاء الفجائي والمباغت على وجه شهر رمضان الكريم، والذي من المفترض أن يكون شهراً للرحمة والتسامح والشعور بالآخرين!!.
لا نريد أحداً ينصحنا أن نكون كوؤساً خشبية أو ابلاستيكية أو فخارية أو من الميلامين، كي لا نتأثر بغليان الأسعار ولا نتكسر بشياط حرارة الأسواق وجشع التجار، ولكننا وفي حال بقاء الأسعار المغلية فوق رؤوسنا، وفي ضوء دخولنا القليلة الباردة نحتاج إلى ملاعق، أقصد مصدات حرارية وتسعيرية وقائية، علها تقينا هذه الضربات، وإلا سنغدو هشيما تجمعه المكانس لأفواه الحاويات، وربما على الحكومة أن تعمد إلى إيجاد هذه المصدات للحرارة التسعيرية فيكفي صمتاً!!.
المحزن في الأمر أن كل أحزمة الأمان الاجتماعي، التي نقروا رؤوسنا بالحديث عنها والتخطيط لها، منذ سنوات، ما هي إلا هواء بارد لن يقينا صدمات الأسواق وشياطاتها، حتى معالجاتنا التكتيكية في غالبها تأتي سطحية وإعلامية، على طريقة (الفزعة) المعروفة، التي تعالج العرض، ولا تقرب من المرض!!، ما نريده أن يكون لكل بيت مصدات حرارية، تقيه شلال هذه الأسعار الحارقة!!.
ramzi972@hotmail.com