من وحي حفل تأبين المرحوم سليمان المشيني
د.بكر خازر المجالي
12-02-2019 11:10 AM
كان حفل تأبين المرحوم الشاعر سليمان المشيني بتنظيم وزارة الثقافة مميزا في تكريم شاعر قدم قصائد واناشيد تَغَنَّينا بها ونرددها كجزء من ثقافتنا الشعبية البسيطة التي تتغنى بالقائد والجيش والتراث.
وكان ابداع الحفل بتقديم وصلة غنائية من اشعار المرحوم المشيني ، وعشنا لحظات فيها الكبرياء والفخر ونحن نسمع الى اغنية انا الاردن التي كان محورها نصر الكرامة .. ولكن كانت لنا وقفة مع انشودة لامست مشاعرنا ،واشعرتنا باننا نعيش فعلا فراغا فيما يتعلق بالاغنية الوطنية التي تمتلئ بالمفردات الحماسية والاداء الذي يُطربُ العقول والنفوس ويهز الوجدان ،كان هذا حين كنا نستمع الى انشودة " واحنا النشامى ؛لن نادى الحق لبِّينا ولَفينا " واسترجعنا بذاكرتنا اللحن والاداء الذي يعود الى عام 1964 ، طربنا بنشوة من اعماق الوجدان ،وباحساس مرهف ارجعنا الى الزمن العريق وملاءة اللغة وجزالة اللفظ واتقان اللحن وسجية الكلمة ،وذلك الجرس الموسيقى، وانسياب المعنى وكأن الاغنية ترسم لنا لوحة وطنية وتستحث الهمم لنكون في قمة الوفاء والمواطنة.
دفعني اللحن والاداء والكلمات لأن اقول لمعالي وزير الثقافة والشباب راعي الحفل "هذه الاغنية تصلح لأن تكون نشيد شبابنا في معسكراتهم "
ولكن كان هناك تساؤل آخر : هل لدينا نشيد وطني اردني ؟ قد يجيب البعض لدينا السلام الملكي ، ولكن هذا سلام لجلالة الملك وتحية من الاردنيين لجلالته وهو عهد وميثاق لأن يبقى العرش ساميا مقامه وخافقات في المعالي اعلامه ، ولكن ما هو نشيد الطالب والمزارع والعامل والجندي الذي يمكن ان ينشده في المناسبات وغيرها ؟ نحن نستخدم السلام الملكي في افتتاح اي حفل ،وهل وصلنا الى نشيد وطني يجمع مكونات الدولة ويتحدث عن واقعها وتراثها وطموحاتها ومفاصل عزتها وفخرها بما في ذلك الاعتزاز بقيادتنا الهاشمية ؟؟ ونعلم اننا دائما نردد السلام الملكي ونسمعه بمقطعه الاول ،وهناك تكملة لا نرددها كثيرا وكلها هي خطاب من الاردنيين لجلالة الملك بكلمات مثل :" يوم أحييت لنا المنى " "يا مليك العرب لك من خير نبي " و " دمت نورا وهدى في البرايا سيدا " .
هذا النشيد الذي كتبه عبدالمنعم الرفاعي عام 1932وكان مطلعه حينها "عاش الامير .. عاش الامير " وحين تحقق الاستقلال باسم المملكة الاردنية الهاشمية عام 1946 تم التعديل الى عاش المليك ... عاش المليك " يبقى راسخا وارثا ثقافيا اردنيا .. ولكن وحتى الان لم نصل الى نشيد وطني اردني بمواصفات أشرتُ اليها تتحدث عن مفاصل الدولة و مدار اعتزازها ومفاخرها وينشده الجميع .
قبل سنوات جرت محاولات في احدى المؤسسات الهامة للوصول الى نشيد خاص بها .. ولكن لا نتيجة حتى هذه اللحظة مع تغييب اللجنة التي تشكلت لتلك الغاية ،
وأيا كان فان مسيرة الدولة الاردنية مستمرة ،والاهتمام بالبناء الثقافي يأخذ حيزا مناسبا ، والحاجة الى توجيه جهد ليكون لنا بالفعل نشيد وطني اردني من الاردنيين للاردنيين ،وفيه رسالة عربية فيها المحبة والتقدير ،وفيه اعتزاز بالانسان والقيادة والجيش .
وربما يقودنا التفكير الى البحث في العقيدة الوطنية التي نريد ، وأن تكون مرجعا فكريا بامتياز على قواعد القيم الاصيلة وثوابت السياسة وحجم التضحيات وعظيم خدماتنا لامتنا العربية خاصة نحو فلسطين والقدس .
نقول هذا الكلام ونحن نقترب من مائة عام على تأسيس دولتنا .. ولكن مثل هذه الامور لا زالت في شرانقها.