ثمة كلاشيه يتردد أن الأردن يخضع لعملية تصفيه وتفكيك وإفلاس ونزع ملكية وسلطة على الموارد والمؤسسات، ونزع هيبتها وتماسك نسيجه السياسي والاقتصادي والاداري والاجتماعي, أصحاب هذا الكلاشيه يردونه الى مؤامرة تحاك في سياق ترتيب سياسي للمنطقة وأن لهذه المؤامرة أدوات في الداخل تعمل ليل نهار لخدمتها.
عنوان هذه التصفية هو بيع المخصصات وتخلي الدولة عن أدوارها وملكياتها وثرواتها بإعتبار أن القطاع العام الى زوال فهو لا يملك شيئا ولا يدير شيئا والحكومة التي تقف على رأسه تتلقى الإملاءات من الخارج وتتحكم بها قوى داخلية, فهي منزوعة الولاية ولا حول لها ولا قوة.
القاعدة التي ينطلق منها هذا الكلاشيه هو رصد لمدى سيطرة الدولة على مقدراتها , لكن حتى هذا الكلام العام يسقط بمجرد العودة الى لغة الأرقام والبيانات المالية فبالرغم من التحـول الحاصل بهـذا الاتجاه فهو محدود جـداً لأن الأردن لم يكن يوماً دولة اشتراكية، فكان القطاع الخاص موجوداً طيلة المـدة، حتى في عهد حكومات محافظة مثل حكومة مضر بدران قائد القطاع العام قبل أن يتحول الى رجل أعمال ناجـح أنشأ مصنعا للحديد.
حتى في ظل ذروة الخصخصة إلا أنها لم تشـكل انقلاباً اقتصادياً أو ثورة اجتماعية فبقي القياس الحقيقي لسيطرة القطاع العام هي حصته في الاقتصاد و نفقـاته ثلث الناتج المحلي الإجمالي، عدا المؤسسات العامة ذوات الموازنات المستقلة، والبلديات، والجامعات الرسمية، ومؤسسة الضمان الاجتماعي، والبنك المركزي، فالدولة تدير وتتصرف بأكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي.
80% من مجموع مساحة اراضي الأردن مملوكة للخزينة وهي بمليارات الدنانير والنفقات الضخمة في الموازنة تذهب للرواتب والتقاعد والحكومة تنفق 40% إلى 44% من الناتج المحلي الإجمالي وهي نسبة كبيرة وهي تدير وتسيطر على أكبر الشركات المساهمة العامة بقيمة تتجاوز 2 مليار دينار بحسب تقرير لجنة تقييم التخاصية برئاسة الدكتور عمر الرزاز قبل أن يصبح رئيسا للوزراء.
الحكومة وصندوق إستثمار الضمان » أموال الشعب الأردني » من أكبر المالكين في أكثر من 50 شركة مساهمة عامة وخاصة من بينها البوتاس والفوسفات التي يقال أنها بيعت بتراب المصاري.
الأردن ليس شركة ليتم تصفيتها وفي كل مرة يواجه فيها تحديات يقال أنها أخطر محطة في تاريخه وأنه على مفترق طرق , وأن العواصف قادمة وإنهيار الاقتصاد وشيك والإفلاس يخيم في الأجواء..
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي