بعد المراجعة الثانية مع الصندوق
فهد الخيطان
11-02-2019 12:35 AM
أنجز وفد صندوق النقد الدولي المراجعة الثانیة لبرنامج الاصلاح المالي مع الحكومة، ولم یبق غیر مصادقة المجلس التنفیذي علیھا الشھر المقبل.
وفد الصندوق قدر الخطوات الاصلاحیة التي اتخذتھا الحكومة، خاصة إقرار قانون جدید لضریبة الدخل وضبط الانفاق الحكومي والعجز في الموازنة. ویأمل الصندوق زیادة الصادرات الأردنیة بعد فتح الحدود مع العراق، وتوقیع سلسلة من الاتفاقیات بین البلدین. وفي المحصلة یعتقد أن زیادة نسبة النمو ھى المفتاح لتحسین الأوضاع الاقتصادیة في الأردن.
لكن إجازة الصندوق لحزمة الاصلاحات الحكومیة مشروط بمواصلة العمل على تنفیذ البرامج الاصلاحیة. وفي ھذا الصدد یشیر الصندوق بوضوح إلى الحاجة لإعادة ھیكلة التعرفة الكھربائیة، محذرا من عودة شركة الكھرباء الوطنیة تسجیل خسائر مالیة جراء بند فرق أسعار الوقود.
بالمقابل كان البنك الدولي قد طالب في تقریر لھ بتعدیل تعرفة المیاة لتخفیض قیمة الدعم الحكومي، الناتج أساسا عن ارتفاع تكلفة فاتورة الطاقة.
بالنسبة للحكومة كان امرا ملحا إنجاز التفاھمات حول المراجعة الثانیة مع الصندوق قبل انعقاد مؤتمر لندن لدعم الأردن، إذ تعد ھذه الخطوة أساسیة لكسب مصداقیة المجتمع الدولي وتحفیز المانحین على تقدیم مزید من المساعدات للأردن، وتحریك عجلة الاستثمار بمشاریع كبرى تنوي الحكومة عرضھا على المشاركین في المؤتمر.
قد یبدو صعبا على الحكومة الإقدام على خطوات حساسة كزیادة أسعار الكھرباء، لكن بإمكانھا النظر في مدى عدالة العبء الموزع على شرائح المستھلكین، والأمر ذاتھ ینطبق على المیاه.
لكن الأھم من ذلك كلھ ھو المضي قدما بخطط إنعاش القطاعات الإنتاجیة، وفتح مزید من الأسواق أمام الصناعات الأردنیة، وتمكین قطاع المشروعات الصغیرة والمتوسطة. وفي ھذا المجال استبقت الحكومة دعوة مدیر عام صندوق النقد الدولي كریستین لاغارد إدخال ھذه مؤخرا البنك المكزي، والتي تقضي بإلزام البنوك العاملة في الأردن بفتح حسابات للمواطنین المؤھلین قانونیا،وفق إجراءات مبسطة، وعدم اشتراط حد أدنى للرصید، وإعفاء ھذا الصنف
من العملاء من بعض العمولات.
مثل ھذه التعلیمات ستحفز أصحاب المشاریع والمبادرات الصغیرة والمتوسطة على دخول دورة الاقتصاد والقطاع المصرفي والاستفادة من خدماتھ في تمویل المشاریع وتطویرھا. فبالنسبة للمئات من أصحاب المشاریع الانتاجیة یشكل التمویل المیسر تحدیا كبیرا، یؤدي بالكثیر من أصحاب المبادرات الانتاجیة إلى التخلي عن أحلامھم بتأسیس عمل مستقل.ویتعین على البنوك أن تظھر قدرا من المرونة حیال ھذا القطاع الصاعد وعدم التشدد في تقدیم التسھیلات.
لسنوات قلیلة مقبلة سیبقى الأردن مرتبطا مع صندوق النقد الدولي ببرامج مشتركة للاصلاح، لكن إذا كنا ننوي فعلا الاعتماد على أنفسنا في إدارة شؤون البلاد الاقتصادیة ینبغي علینا أن نعمل بجدیة على التخلص من كل ما یعیق طریق الاصلاح الاقتصادي، وبناء قاعدة إنتاجیة قویة، والمحافظة على معدلات نمو مرتفعة، وتخلیص القطاعات الانتاجیة والخدمیة من مسببات تراجعھا.
الغد