الأردن بين التحليق بحسابات الورق و”الطيار الآلي”
باسم سكجها
10-02-2019 07:33 PM
كلّ حكوماتنا كانت تحسب على الورق، وبعيداً عن أرض الواقع، ولو صدقت وعود الأوراق بما تمتلئ به من أرقام، لكنّا دولة عظمى منذ سنوات، ولكنّ الحسابات كانت مجرد أوراق، تتناثر مع أيّة نسمة هواء مقبلة..
حين كنّا نوقّع الاتفاقيات في المنتديات والزيارات المتبادلة، كنّا نُعلن للشعب عن مليارات وعشرات الشركات، ومئات الآلاف من فُرص العمل، ولكنّ أغلب ذلك كان في خبر كان، فالحكومات تعرف أنّ عمرها قصير مهما طال، وتعرف أكثر أنّ هناك حكومة ستخلفها، وستمسك بالممحاة لتشطب ما قبلها، لتقدّم وعوداً جديداً، وهكذا وإلى آخره…
الحكومات لم تنزل إلى أرض الواقع، بل ظلّت تحلّق على ارتفاع ثلاثة وثلاثين ألف قدم، هو الارتفاع الذي تسير عليه الطائرات التجارية، وخلال تلك الرحلة يترك القبطان “الطيار الآلي” يقود، فلا يتدخّل سوى بالطوارئ، أو عند الهبوط!
“نحن بحاجة ملحّة إلى دعم المؤسسات، لا تثبيط عزائمها”، ذلك ما قاله لي مسؤول محترم من وحي مقالتي أمس، وكان في كلامه عتب مُبطّن على كتابتي، فأبلغته أنّ الدكتور عمر الرزاز مثل أخي، وقناعاتي به وبتجاربه السابقة لا حدود لها، وكُنتُ أكثر من استبشر بحكومته كلّ الخير الذي سيأتي بتنفيذ راق وعلمي لكتاب التكليف السامي، ولكنّني اكتشفت أنّ حسابات الورق هي التي تطغى على العمل.
وأكثر من ذلك، فقد قُلتُ له إنّني أكتب متخففاً من أعباء العلاقة الشخصية، وأظنّ أنّه يقرأ بالطريقة نفسها، فهذا واجبي ككاتب، وهذا واجبه كرئيس حكومة، وفي آخر الأمر فما قاله المسؤول المحترم صحيح: “علينا دعم العمل المؤسسي”، ولكنّ علينا أيضاً ألاّ نوقّع على بياض، وأن نرصد كلّ خطأ أو تباطؤ أو تراخ أو هفوة، ويبقى أنّني لا أتمنى سوى طول العمر للحكومة، فهذا كان أوّل خيار مُعلن للملك عند تولّيه العرش، خصوصاً وأنّ نادي رؤساء الوزارات صار عامراً بالأسماء، فما بالكم بأسماء مئات الوزراء التي قد تستغرق كتاباً، ويبقى أيضاً أنّ المواطن الأإدني هو الذي يعيش على الأرض، ويتابع ويشاهد ويسكت، ولكنّه ليس غافلاً عمّآ يجري حوله، وللحديث بقية.