عمر بن الخطاب, واسم عمر في التاريخ اسم عظيم , فهناك بن الخطاب وعمر بن عبدالعزيز , هذا في التاريخ القديم , وإن مشينا كثيرا في التاريخ نرى عمر المختار , عمر إذا اسم خالد في تاريخنا القديم والقريب والمعاصر , لا أعرف لماذا داهمني التاريخ هذا الأسبوع , فاخترته مادة لهذه الإستراحة من يوم الجمعة , ليس فقط حبا بالتاريخ الذي لا أمل من قراءته وإستحضاره , وليس فقط لحشده كما طائلا من العبر والدروس , وليس فقط لأن فيه ما يدعو الى الفخر الكثير والى الدهشة الكثير , الفخر لأن فيه من القصص التي نستدعيها أملا بأن نراها تتكرر ذات يوم , والدهشة لأن فيها من المشاهد ما يثير الإستغراب , اي نوع من الناس كانوا أبطالها , ما يستنطق العجائز والناس بعبارة واحدة هي ما ذهب لا يعود ورجال الأمس لا يتكررون .
هذه قصة معروفة لكن سأرويها بلا هدف ولا غاية , سوى استدعاء الدهشة فلربما لم تكن كذلك في عصر شهدت فيه أحداثها وربما كانت , والأرجح أنها لم تكن لكن إستدعاءها وتكرارها في عصرنا يعني الكثير وهو أن هذا ليس ولن يكون العصر ولا الأوان الذي قد تحدث فيه أو تتكرر , وروايتها إنما هي نوع من حسرة على زمن ولى وذهب معه رجاله.
«ذهب أمير المؤمنين عمر ن الخطاب رضي االله عنه في يوم من الأيام إلى السوق ليتفقد ا لأحوال كما هي عادته وحيدا إلا ناقته لا حرس ولا رفقة وخلافه يتجول فإسترعى انتباهه في السوق إبل جميلة وسمينة يكسوها اللحم.. فسأل : إبل من هذه؟ فقيل له : إنها إبل عبد االله بن عمر!! عبد االله بن عمر.. ابني!! هذه إبله؟! بخٍ.. بخٍ .. يعني) يا سلام ) فسأل نفسه يحدثها .. من أين لكَ هذه الإبل يا ابن أمير المؤمنين؟ هل هي رأس عمر بسرعة , وهو الرجل المتحوط والحريص هدية , رشوة تقرب أم تزلف . مقابل خدمة , ماذا فعل إبن عمر ليحصل عليها ؟.. هذه أسئلة تشكلت في ..«طيب», إن كانت هدية أو مقابل خدمة لماذا لما يشاركني بها , هذا ما يفترضه الإسقاط الذي قد يتبادر الى ذهن واحد من عصرنا أن يحشره في عقل بن الخطاب كصيغة لسؤال الدهشة من أناقة وقيمة الإبل الجميلة , نعم لماذا لم يقاسم ابن أمير المؤمنين أبيه بالإبل ؟, ولماذا لم يشركه في مفاوضات ما قبل إتمام الصفقة إذ ربما وجود رجل بحجم أمير المؤمنين على طاولة التفاوض يرفع عددها , أليست قيمة ومقام أمير المؤمنين ذات ثمن أكبر وأعلى ؟.
هي إبل عادية اشتراها عبد االله من (حر ماله) وأرسلها إلى المرعى لترعى كباقي الإبل.. يفعل كما يفعل باقي الناس! فما المشكلة إذن يا أمير المؤمنين ولماذا كل هذه الدهشة ولماذا كل هذا الغضب ؟...
نظر عمر الى ابنه عبداالله غاضبا وربما بعين فيها حمرة وقال هذه إبل ابن أمير المؤمنين , تدفع بها الى المراعي , فيتسابق الناس الى الإهتمام بها تقربا وتزلفا لأنها إبل ابن أمير المؤمنين فيقولون: ارعوا إبل ابن أمير المؤمنين، اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين .
نهض عمر من مكانه , أو هكذا أتخيل المشهد وقال بلهجة لا تنقصها الصرامة في أمر لا يقبل النقاش ولا
التفاوض ولا الواسطة ولا الرأفة ولا فرحة الأب بما يملك الابن من حر ماله ولا بما بناه ولا بما وصل اليه من مراتب
يتقدم بها على العالمين أو تزكية ليكون أفضل منهم «يا عبد االله بن عمر اغدُ إلى رأس مالك، واجعل باقيه
في بيت مال المسلمين»!! وقُضي الأمر؛ , معنى ذلك أن على عبداالله أن يبيع الإبل ويأخذ رأس ماله فقط
ويجعل الربح في بيت مال المسلمين.. (الرأي)