وزير التربية يلقي محاضرة بالاردنية بعنوان " التعليم في الاردن .. الرؤى والتطلعات"
07-02-2019 06:57 PM
عمون - أكد وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور وليد المعاني، انه لا يمكن أن نتحدثَ عن التعليمَ بشقيهَ العامِ والعالي في الاردن دونِ أن نتذكر مقولةَ المغفورِ له بإذنِ اللهِ جلالةِ الملكِ الحسين بن طلالٍ طيبَ اللهُ ثراهُ "الإنسان أغلى ما نملك".
وقال ان هذه المقولة كانت بمثابة استشرافًا للمستقبلِ ومعرفة بواقعنا ونبراسًا نهتدي به، مؤكدا أن جلالة الملك عبد الله الثاني ومنذ تسلمه سلطاته الدستورية ما انفك بالتمسك بما نادى به جلالة الملك الحسين من قبل.
وبين الدكتور المعاني في محاضرة القاها الخميس في الجامعة الاردنية بعنوان " التعليم في الاردن..الرؤى والتطلعات" ضمن احتفالات الجامعة بالذكرى العشرين لتولي جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية، ان كتب التكليف السامي التي وجهَها جلالة الملك عبد الله الثاني لرؤساءِ الحكومات المتعاقبة، اكدت على التعليم واهميته ، فيما وجه كذلك رسائل خاصة بالتعليم لرؤساء الحكومات ما يؤكد ان الرؤيةَ لم تتغير وأن الهدفَ لم يغب للحظة عن العين.
واوضح ان جلالته دعا باستمرار إلى بلورة إستراتيجيات ومصادر تمويل بديلة للجامعات الرسمية بهدف الحفاظ على نوعيةِ التعليمِ، وترسيخِ بيئةٍ تعليمية تضمن التأسيس لمبادئ جوهرية مثلِ: تكافؤِ الفرصِ التعليميةِ أمامَ الشبابِ الأردنيِ، وتعزيزِ دور صندوق الطالبِ الجامعي، بحيث يتم توجيه الدعمِ لأكبرِ عددٍ منَ الطلبةِ المحتاجينَ والمتميزينَ، وإدخالُ مفاهيمِ ضبطِ الجودةِ والنوعيةِ في مختلفِ مكوناتِ ومراحلِ نظامِ التعليمِ العالي، وتأكيدِ دورِ الجامعاتِ في تشكيلِ الوعيِ، وتعزيزِ ورفدِ الهويةِ الوطنيةِ، والتوصلِ إلى إطارٍ مؤسسيٍّ واضحِ للبحثِ العلميِّ يكفلُ توفيرَ الدعمِ اللازمِ لتحسينِ مستوياتِ ومخرجاتِ البحثِ العلميِّ خاصةً التطبيقيّ منه.
وقال ان جلالة الملك لخص نظرتَه للتعليمِ في ورقتِهِ النقاشيةِ السابعةِ في نيسان من عام 2017 ، وكان عنوانُها "بناءُ قدراتِنا البشرية، وتطويرُ العمليةِ التعليميةِ جوهرُ نهضةِ الأمة"ِ، حيث أكد فيها جلالته ما نتطلع اليه من اردن قوي يقدم لأبنائِهِ خيرَ تعليمٍ، ويؤهلُهم لأن يواجهوا تحدياتِ الحياةِ، و يقيموا أعمالًا ناجحًة، و يمارسوا حرفًا قيمةً، و ينشئوا أسرًا متآلفةً، و يبنوا مجتمعًا متماسكًا.
وبين ان جلالة الملك دعا كذلك من خلال الورقة النقاشية لان يكون للأردن تجربة تغري بنجاحِها الآخرينَ، فيكون هو قائدَ مسيرةِ تحديثِ التعليمِ في العالمِ العربيِ، ورائدَ التحولِ إلى مجتمعِ المعرفةِ، وان نرى مدارسَنا ومعاهدَنا المهنيةَ وجامعاتِنا مصانعَ للعقولِ المفكرةِ، والأيدي العاملةِ الماهرةِ، والطاقاتِ المنتجةِ، ومختبراتٍ تُكتشفُ فيها ميولُ الطلبةِ، وتُصقلَ مواهبُهم، وتُنمى قدراتُهم، ونرى فيها ايضا بشائرَ الارتقاءِ والتغييرِ، لا تخرِّجُ طلابَها إلا وقد تزودوا بكلِّ ما يعينُهم على استقبالِ الحياةِ، ومواجهةِ ما فيها من تحدياتٍ، والمشاركةِ في رسمِ الوجهِ المشرقِ لأردنِّ الغدِ.
واكد الدكتور المعاني انه ورغم كل ما شهده الاردن من انجازات في مجال التعليم العام والعالي، الا ان مخرجات التعليم ما زالت تواجه تحديات عديدة، في وقت لا تلبي فيهَ مهاراتِ الخريجينَ الاحتياجاتِ ومتطلباتِ الاقتصادِ الأردنيِ وسوقِ العملِ، في ظل اخفاق الكثيرين في اجتياز امتحان الثانوية العامة وعدم توفر الفرص البديلة والواضحة امامهم، وتزايد اعداد خريجي الجامعاتِ مقابلَ نقصِ الحرفيينَ والفنيينَ المهرةِ. و قال ان الأردنَ يواجهُ تحدياتٍ خاصة مرتبطة بمشكلةِ اللاجئينَ السوريينَ، مبينا ان الدعمِ الماليِ الذي يقدمهُ المجتمع الدوليُّ غير كاف لتغطيةِ الدعمِ الكبيرِ الذي يقدمُهُ الأردنُّ لأكثرَ من مليونٍ وثلاثِمئةِ ألفِ سوريٍّ، ما يلقي المزيد من الاعباء الاضافيةٍ على منظومةِ التعليمِ وسوقِ العملِ في المملكةِ وغيرِها من الخدماتِ العامةِ والبنى التحتيةِ.
وبين ان ما يزيد ايضا من حجمِ تلك التحدياتِ هو الزيادةُ المتسارعةُ والمستمرةُ في عددِ سكانِ الأردنِّ؛ وازدياد الطلبَ على المدارسِ ومقاعدِ التعليمِ، والدفع بالمزيد من الخريجين الى سوق العمل.
وقال الدكتور المعاني، ان الفرصة السكانية في الاردن التي اعلنها المجلس الاعلى للسكان تعد فرصة اقتصادية فريدة للعشرين عاما المقبلة، الا انه واستنادا للتوقعات الحالية فان الاردن بحاجة الى توفير اكثر من 660 الف فرصة عمل جديدة خلال العقد المقبل من اجل تخفيضِ معدلِ البطالةِ إلى المعدلِ المستهدفِ تحقيقُهُ في رؤيةِ الأردنِّ 2025.
واكد ان التعليم هو المفتاحُ لتحويلِ التحدياتِ الديموغرافيةِ إلى فرصِ للنموِّ والتنميةِ، غير ان الاردن بحاجةٍ لتغييراتٍ كبيرةٍ في نظمِ التعليمِ والتدريبِ لتحقيقِ هذهِ الأهدافِ.
وقال الوزير المعاني، ان وزارة التربيةِ والتعليم تقوم بالإصلاحِ والتطويرِ على جبهةٍ عريضةٍ في وقتٍ متزامنٍ، تشملُ الاستمرارَ في تحديثِ البنيةِ التحتيةِ من خلال بناءِ مدارسَ جديدةٍ وإدخالِ إضافاتٍ، وتجهيز المدارس بمعداتٍ حديثةٍ بدعمٍ منَ الموازنةِ أو عبرَ المنحِ، وتجميع المدارس في المناطق النائية بمدارس اكبر ومجهزة بما يلزم وما يكفي من معلمين، بالاضافة الى توفير المواصلاتِ لنقلِ هؤلاءِ الطلبةِ لمدارسهمِ.
كما اشار الى انشاء المركزِ الوطنيِّ للمناهجِ الذي قام وبالتعاونِ معَ وزارةِ التربيةِ، ومجلسِ التربيةِ والتعليمِ بإصدارِ الإطارِ العام للمناهجِ والمناهجِ المطورةِ، فيما تم حوسبةُ كثيرٍ من المقرراتِ الدراسيةِ، ووضعَها تحت تصرف كل المدارسِ، مشيرا كذلك الى العديد من المبادرات التعليمية والاهتمام الخاص بالبيئة المدرسية والمدرسة الامنة.
وقال انه تم كذلك التركيز في عمليةِ الإصلاحِ على التعليمِ قبلَ المدرسة، حيث وضعت نسب للوصولِ إليها وبدأت تعطي ثمارَها، فيما بدأنا نتجه نحو التعليم الدامجِ، والعمل على تطويرِ الثانويةِ العامةِ، بحيث تمَّ اختصارُ المباحثِ إلى ثمانيةٍ: أربعةٍ إجباريةٍ، وأربعةٍ أخرى يختار منها الطالب ثلاثةَ مباحثَ يحتسبُ أعلى مبحثينِ منها في معدلِه، وتم ايضا تقسيم مسار الثانوية العامة الى حقول يتبعها الطالب تقوده نحو التخصص الذي يرغبه في الجامعات .
واكد الدكتور المعاني على دور المعلم باعتباره العنصر الأهمَّ في العمليةِ التعليميةِ، حيث اصبح المعلم يلقى اهتمامًا كبيرًا من وزارةِ التربيةِ، في اطار اهدافها لتوفير المعلمِ المدرب والقادرِ، حيث جاءت عملية التأهيل خلال العمل وقبل الالتحاق بالتعليم من خلال الحصولِ على المؤهلِ المطلوب.
ولفت وزير التربية والتعليم الى الدور الذي تقوم به اكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين في تدريب المعلمين وتأهيلهم في اطار الشراكة الاستراتيجية مع وزارة التربية والتعليم في هذا الجانب.
وفيما يتعلق بالجامعات، اكد الدكتور المعاني، ان تمويل الجامعات ما زال يشكل مشكلة كبرى، حيث تعاني الجامعاتُ ديونًا كبيرةً، وعجزًا متزايدًا في موازناتها، نتيجة لعوامل كثيرة ومتراكمة.
وقال ان زيادةَ النفقاتِ الجاريةِ، واضطرارَ الجامعاتِ أحيانًا لاستخدامِ أموال صناديقِها، أو للاستدانةِ، في غيابِ الدعم الحكومي الكافي، أدى لتراكمِ مديونيتها لتصبحَ خدمةُ الدَّيْنِ عبئًا على الجامعاتِ، ما يحتم ايجاد حلول مناسبة تجنبا للوصول الى وقت حرج تصعب فيه ادارة الامر.
وقال انه من غير المقبول استمرار الوضع في الجامعات على ما هو عليه، ما يؤكد اهمية قيام الجامعات باجراءات لتخفيفِ النفقاتِ، وإيقافِ التعييناتِ الإداريةِ، والتخفيفِ من قبولِ الطلبةِ، وتعيينِ الأكاديميينَ في التخصصاتِ غيرِ المطلوبةِ تمهيدًا لغلقِها، واستشرافِ سوقِ العملِ، واستباقِ طلبِهِ بتوفيرِ الكوادرِ اللازمةِ له.
كما دعا الدكتور المعاني الجامعات الى إعادةُ دراسةِ الوحداتِ غيرِ المنتجةِ، ومحاولةُ معالجةِ الخللِ فيها، أو ابتياعُ الخدمةِ من شركاءَ آخرينَ بكلفة أقل، والبحثُ ايضا عن الاستثمارِ في وحدات جديدة تعودُ بالدخلِ عليها.
واعتبر انه من المناسب ان تتشاركَ الجامعاتُ في بعضِ الخدماتِ لتخفيفِ النفقةِ كالمطابعِ وغيرها، ومساعدةُ بعضِها ودعم بعضِها في إيجادِ الاستخدامِ الأمثلِ للموارد، مشيرا الى ان عملية تجديد الدم الجامعي لا تتم الا بالابتعاث للجامعات المرموقة، وعودةِ الشبابِ لبثِّ الروحِ في الجامعاتِ.
واكد في هذا الاطار انه لا يجب التهاون في المستوى ولا في النوعيةِ، مبينا ان الاعتماديةُ وتصنيف الجامعاتِ أصبحتا من الأسسِ التي يجب على الجامعاتِ العمل من أجلِها والسعي لها، حيث لا يكون ذلك الا بتوفرِ الكوادرِ البشرية.
كما دعا الجامعات الى تفعيل الاتفاقياتِ التي تربطُها بالمؤسساتِ والجامعاتِ الأجنبيةِ واستخدامِها لتحقيقِ أهدافِ تنمية القوى البشريةِ، وخدمةِ البحثِ العلميِ، وتقويةِ البرامجِ المشتركةِ معَ الجامعاتِ الأجنبية على مستوى الدراسات الدنيا والعليا بحيث تتضمن أوقاتا يقضيها طلبتنا في جامعات تلك الدول، ويكتسبون المهارات ويتعرفون على العالم وينقلوا من خبراته.
وطالب الدكتور المعاني الجامعات ان تتميز في تخصصات، وأن تتفوقَ في أخرى، مؤكدا انه لم يعد مقبولًا أنْ تكونَ الجامعاتُ نسخًا من بعضِها، لها نفس الخططُ والتخصصاتُ والمنتج، مشيرا الى ان الابتكار والابداعَ أصبحا منَ الضرورياتِ عندَ الحديثِ عن الجامعةِ المتميزة، حيث لا بد من تطويرِ حاضنات للأعمالِ، وإشراكِ الطلبةِ في أعمالِها لتهيئتِهم لسوقِ العمل.
وقال ان ما يعيق قدرة الخريجينَ من جامعاتِنا على المنافسةِ في سوقِ العملِ الداخلي والخارجيِ هو نقص المهاراتِ، ما يدعو لاصلاح ذلك الخلل من خلال الشراكات مع القطاع الخاص في كل المجالات للمساعدة في تحقيق التكوين المعرفي والمهاري.
وحول البحث العلمي، اكد الدكتور المعاني، انه ما زال يعاني من معيقات كثيرة منها التمويل، وعدم المعرفة الكافيِة في المنافسة على الكمِ الكبير من التمويلِ الذي تقدمُهُ المؤسساتُ الدولية، مبينا انه لا يمكن لاي جامعة أن تتقدمَ على سلمِ التصنيفِ الدوليِّ، أو تصلَ لمصاف الجامعاتِ المرموقةِ من دونِ بحثٍ علميٍّ رصينٍ.
وقال انه على الجامعاتِ أن تكونَ بيوتَ خبرة تتحسس مشكلات الوطن، وتجترح الحلول لها، وان تعمل على استغلال سنواتِ التفرغِ العلميِ في البحثِ لتحقيق الهدفِ الذي منحَتْ من أجلِهِ هذه السنوات، معتبرا ان لأكاديميين كثر والباحثين قلةٌ.
ولفت الى ميزات الاستراتيجيةِ الوطنيةِ لتنميةِ المواردِ البشريةِ، التي رسمت طريقا واضحة للسيرِ في تنفيذِ أهدافِها، مبينا اهمية دور الجامعات في هذا المجال، من خلال محاكاةِ ما تتضمنه الاستراتيجية من محاور تتعلقُ بالخططِ الدراسية وتطويرِها، وطرقِ التقييمِ وتحديثِها، وإدخالِ التكنولوجيا في التعليمِ في مساقاتٍ متنوعة في مختلفِ التخصصاتِ. وعرض الدكتور المعاني لمراحل تطور التعليم في الاردن منذ عشرينيات القرن الماضي، من خلال الزيادة في اعداد المدارس والطلبة، وانشاء الجامعات والمعاهد والكليات .
وكان رئيس الجامعة الاردنية، اشار في بداية المحاضرة الى الانجازات التي حققها الاردن في قطاع التعليم والحاجة المستمرة لمزيد من التطوير والتحديث وتعزيز تنافسية مخرجات التعليم العام والعالي الاردني.
--(بترا)